الزهد أن تجعل الدنيا في يدك لا أن تجعلها في قلبك
من علامات محبة الله عز وجل للعبد المؤمن أن يحميه من فتن الدنيا وشهواتها، فالسعيد من جُنّب الفتن، فقد روى محمود بن لَبِيدٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَحْمِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ يُحِبُّهُ كَمَا تَحْمُونَ مَرِيضَكُمْ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ تَخَافُونَ عَلَيْهِ) رواه أحمد.
وفي رواية الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا حَمَاهُ الدُّنْيَا كَمَا يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ الْمَاءَ).
وهذا لا يعني أن من أحبه الله أفقره ومن أبغضه أغناه؛ لكن المقصود أن الله يعصمه من التعلق بشهوات الدنيا ويصرف قلبه عن حبها والانشغال بها؛ لئلا يركن إليها وينسى همَّ الآخرة.
وانظروا على سبيل المثال في حال من ينفق مئات الآلاف على أثاث منزله وسفرياته وشهواته وهو فرح بذلك، ولكنك تراه يتمزق فؤاده وتكاد أن تذهب نفسه حسرات على مائة ريال أخرجها على مضض لصالح الفقراء والمحتاجين والمجاهدين، لماذا؟ لأنه أصبح أكبر همه الدنيا وليس الآخرة فأحب الدنيا وزهد الآخرة.
ولذلك عندما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَارَسُولَ اللَّهِ : دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ) رواه ابن ماجه.
فالزهد أن تجعل الدنيا في يدك لا أن تجعلها في قلبك.