X

حكمة الاب

المنتدى العام

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • 4uonly
    Thread Author
    Free Membership
    • Nov 2018 
    • 899 
    • 376 
    • 61 

    يقول أحدهم عن أبيه :

    كان أبي إذا دخل غرفتي , و وجد المصباح مضاءً وأنا خارجها قال لي: لم لا تطفئه ولم كل هذا الهدر في الكهرباء ؟؟؟

    إذا دخل الخلاء ووجد الصنبور يقطر ماءً قال بعلو صوته لم لا تُحكم غلقه قبل خروجك ولم كل هذا الهدر في المياه؟؟؟

    دائما ما ينتقدني ويتهمني بالسلبية !!!

    يعاتب على الصغيرة والكبيرة !!!

    حتى وهو على فراش المرض !!!

    إلى أن جاء يوم وجدت وظيفة .

    اليوم الذي طالما انتظرته.

    اليوم سأجري المقابلة الشخصية الأولى في حياتي للحصول على وظيفة مرموقة في إحدى الشركات الكبرى.

    وإن تم قبولي فسأترك هذا البيت إلى غير رجعة وسأرتاح من أبي وتوبيخه الدائم لي.

    استيقظت في الصباح الباكر ولبست أجمل الثياب وتعطرت وهممت بالخروج فإذا بيدٍ تربّت على كتفي عند الباب.

    التفت فوجدت أبي مبتسمًا رغم ذبول عينيه وظهور أعراض المرض جلية على وجهه....

    وناولني بعض النقود وقال لي أريدك أن تكون إيجابيا واثقا من نفسك ولا تهتز أمام أي سؤال.

    تقبلت النصيحة على مضض وابتسمت وأنا أتأفّف من داخلي، حتى في هذه اللحظات لا يكف عن النصائح وكأنه يتعمد تعكير مزاجي في أسعد لحظات حياتي.

    خرجت من البيت مسرعًا واستأجرت سيارة أجرة وتوجهت إلى الشركة.

    وما أن وصلت ودخلت من بوابة الشركة حتى تعجبت كل العجب !!!

    فلم يكن هناك حراس عند الباب ولا موظف استقبال سوى لوحات إرشادية تقود إلى مكان المقابلة.

    وبمجرد أن دخلت من الباب لاحظت أن مقبض الباب قد خرج من مكانه وأصبح عرضة للكسر إن اصطدم به أحد.

    فتذكرت نصيحة أبي لي عند خروجي من المنزل بأن أكون إيجابيا، فقمت على الفور برد مقبض الباب إلى مكانه وأحكمته جيدا.

    ثم تتبعت اللوحات الإرشادية ومررت بحديقة الشركة فوجدت الممرات غارقة بالمياه التي كانت تطفو من أحد الأحواض الذي امتلأ بالماء الى آخره. وقد بدا أن البستاني قد انشغل عنه. فتذكرت تعنيف أبي لي على هدر المياه فقمت بسحب خرطوم المياه من الحوض الممتلئ ووضعته في حوض آخر مع تقليل ضخ الصنبور حتى لا يمتلئ بسرعة إلى حين عودة البستاني.

    ثم دخلت مبنى الشركة متتبعا اللوحات وخلال صعودي على الدرج لاحظت الكم الهائل من مصابيح الإنارة المضاءة ونحن في وضح النهار فقمت لا إراديا بإطفائها خوفا من صراخ أبي الذي كان يصدح في أذني أينما ذهبت.

    إلى أن وصلت إلى الدور العلوي ففوجئت بالعدد الكبير من المتقدمين لهذه الوظيفة .

    قمت بتسجيل اسمي في قائمة المتقدمين وجلست انتظر دوري وأنا أتمعن في وجوه الحاضرين وملابسهم لدرجة جعلتني أشعر بالدونية من ملابسي وهيئتي أمام ما رأيته. والبعض يتباهى بشهاداته الحاصل عليها من الجامعات الأمريكية.

    ثم لاحظت أن كل من يدخل المقابلة لا يلبث إلا أن يخرج في أقل من دقيقة.

    فقلت في نفسي إن كان هؤلاء بأناقتهم وشهاداتهم قد رُفضوا فهل سأقبل أنا ؟؟!!

    فهممت بالانسحاب والخروج من هذه المنافسة الخاسرة بكرامتي قبل أن يقال لي نعتذر منك.

    وبالفعل انتفضت من مكاني وهممت بالخروج فإذا بالموظف ينادي على اسمي للدخول.

    فقلت لا مناص سأدخل وأمري إلى الله.

    دخلت غرفة المقابلة وجلست على الكرسي في مقابل ثلاثة أشخاص نظروا إليّ وابتسموا ابتسامة عريضة ثم قال أحدهم متى تحب أن تتسلّم الوظيفة ؟؟؟!!!

    فذهلت لوهلة وظننت أنهم يسخرون مني أو أنه أحد أسئلة المقابلة ووراء هذا السؤال ما وراءه.

    فتذكرت نصيحة أبي لي عند خروجي من المنزل بألا أهتز وأن أكون واثقا من نفسي.

    فأجبتهم بكل ثقة: بعد أن أجتاز الاختبار بنجاح إن شاء الله.

    فقال آخر لقد نجحت في الامتحان وانتهى الأمر.

    فقلت ولكن أحدا منكم لم يسألني سؤالا واحدا !!!

    فقال الثالث نحن ندرك جيدا أنه من خلال طرح الأسئلة فقط لن نستطيع تقييم مهارات أي من المتقدمين.

    ولذا قررنا أن يكون تقييمنا للشخص عمليا ...

    فصممنا مجموعة اختبارات عملية تكشف لنا سلوك المتقدم ومدى الإيجابية التي يتمتع بها ومدى حرصه على مقدرات الشركة، فكنت أنت الشخص الوحيد الذي سعى لإصلاح كل عيب تعمدنا وضعه في طريق كل متقدم، وقد تم توثيق ذلك من خلال كاميرات مراقبة وضعت في كل أروقة الشركة.

    يقول صاحبي ...

    حينها فقط اختفت كل الوجوه أمام عيني ونسيت الوظيفة والمقابلة وكل شيء...

    ولم أعد أرى إلا صورة_أبي !!!

    ذلك الباب الكبير الذي ظاهره القسوة ولكن باطنه الرحمة والمودة والحب والحنان والطمأنينة.

    شعرت برغبة جامحة في العودة إلى البيت والانكفاء لتقبيل يديه وقدميه.

    عند باب الدار رايت اقاربي و الجيران مجتمعين۔ينظرون الي نظرات ياس و عطف۔۔فهمت كل شيىء۔۔وصلت متاخرا۔۔فات الاوان۔
    اشتقت إلى سماع صوته و نغمة صراخه تطرب أذني.

    لماذا لم أر أبي من قبل؟؟؟

    كيف عميت عيناي عنه ؟؟؟

    عن العطاء بلا مقابل ...
    عن الحنان بلا حدود ...
    عن الإجابة بلا سؤال ...
    عن النصيحة بلا استشارة ...

    رحيلك مُرٌّ يا أبي

    كنت أنت البارَّ بنا ولم تنل البر منا كما يجب أن يكون.

    غبت يا أبي وغاب عني العقل الرشيد والركن الشديد، والسند المتين، والناصح الأمين.

    لم يمت أبي ولن يموت ...

    بل سيظل حيا في صلاتي، في دعائي، في ركوعي، في سجودي، في صدقتي، في حجي، في عمرتي، وفي كل عمل أتقرب به إلى الله أسأله أن يغفر لأبي ويتغمده بواسع رحمته.

    لم يمت أبي ...
    وإن مات فهو باقٍ في نفسي إلى أن ألحق به في جنات الخُلود ...

    رحم الله أبي وأسكنه فسيح جناته.

    منقول۔

    اللهم ارحم من رحل عن دنيانا
  • Arestot
    Free Membership
    • Oct 2018 
    • 16 
    • 119 

    #2
    السلام عليكم
    كنت أنت البارَّ بنا ولم تنل البر منا كما يجب أن يكون.
    كما أنت الآن كنت أنا...كما أنا الآن سوف تكون أنت.
    اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمومنين.
    Comment
    • zaza-14
      VIP
      • Oct 2018 
      • 3242 
      • 4,421 
      • 8,436 

      #3
      بجد من أجمل ما قرأت ، اللهمّ اغفر لوالدي وارحمه كما ربياني صغيرا
      اللهمّ اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات


      أسعدك الله في الدّارين ومتّعك بالصحة والعافية وزادك سعة في العلم والرّزق اللهمّ آميــــن

      Comment
      • 4uonly
        Thread Author
        Free Membership
        • Nov 2018 
        • 899 
        • 376 
        • 61 

        #4
        سعدت لمرورك اخىraedms
        Comment
        • 4uonly
          Thread Author
          Free Membership
          • Nov 2018 
          • 899 
          • 376 
          • 61 

          #5
          سعدت لمرورك اخىArestot
          Comment
          • 4uonly
            Thread Author
            Free Membership
            • Nov 2018 
            • 899 
            • 376 
            • 61 

            #6
            سعدت لمرورك اخىzaza-14 وأسعدك الله في الدّارين ومتّعك بالصحة والعافية
            Comment
            Working...
            X