مـــــزال القــــراءة
عندما تكثر الأفعال : تزداد نسبة الأخطاء ، وهذه قراءة بسيطة لتجربة القراءة ، حاولت أن استشف منها مواقع الزلل ؛
لئلا تكون حجر عثرة في سبل الرقي والتقدم !
لئلا تكون حجر عثرة في سبل الرقي والتقدم !
المزلة الأولى : وهم المعرفة !
كثير ممن يقرأ كتابا أو كتابين ؛ يظن أنه قد ملك نصاب المعرفة ، وأنه ربان سفينة العلم ،
والنفس أسيرة –في الغالب- للمعلومة البكر أيا كان مصدرها ، وهذا ما يفسر لك التعصب للآراء الأولى ،
والتي قلما يتخلص منها الإنسان ولو بعد حين ، لذا لا بد من تعدد مصادر المعرفة ،
والتحقق منها ، وقد كان مما يتواصى به أهل التجربة : لن تعرف خطأ معلمك حتى تجالس غيره .
المزلة الثانية : الانتشاء المعرفي !
سكرة تصيب بعض رواد القراءة ، فتعميهم نشوة المعرفة عن رؤية قصورهم ، و
تركز نظرتهم على قصور الآخرين المعرفي ، مما يعظم عندهم الذات
فلا يرون الآخرين إلا عواما وجهالا وعالة وأصحاب علل ! ، و
عندما تغفو السكرة وتصحو الفكرة : يدركون أن القصور للجميع شامل ، وأن من عرف شيئا ؛ فقد غابت عنه أشياء!
تركز نظرتهم على قصور الآخرين المعرفي ، مما يعظم عندهم الذات
فلا يرون الآخرين إلا عواما وجهالا وعالة وأصحاب علل ! ، و
عندما تغفو السكرة وتصحو الفكرة : يدركون أن القصور للجميع شامل ، وأن من عرف شيئا ؛ فقد غابت عنه أشياء!
المزلة الثالثة : الصوابية اللازمة !
يظن كثير ممن من الله عليهم بسلوك درب القراءة ؛ أنهم لا بد أن يكونوا على صواب دائما ، وهذا مما يصح أن يقال عنه : دونه خرط القتاد ،
فكل رأي لا يسنده نص = لا يقبل القطع ، وتظل آراء الرجال قابلة للقيل والقال ،
ولا يعني هذا ألا تميل إلى رأي دون رأي – فهذا مما تأباه الطبيعة- ،
ولكن وطن نفسك على ألا تشحذ قواطع الرأي ؛ إلا على سنان التمحيص والتدقيق !
فكل رأي لا يسنده نص = لا يقبل القطع ، وتظل آراء الرجال قابلة للقيل والقال ،
ولا يعني هذا ألا تميل إلى رأي دون رأي – فهذا مما تأباه الطبيعة- ،
ولكن وطن نفسك على ألا تشحذ قواطع الرأي ؛ إلا على سنان التمحيص والتدقيق !
المزلة الرابعة : تكلف المخالفة !
يظن بعض القراء ؛ أن من مقومات الاستقلال : مخالفة السائد من الأقوال ، وهذا مبني على افتراض أن المتابعة : مذمومة بإطلاق !
فيجنح بوعي – وبدونه في أكثره- إلى : المخالفة لذات المخالفة ، وليس بحثا عن صواب ،
وهذه إشكالية ولدت بعد أن كثر التقليد الأعمى ، ولن يُحل الإشكال : بإشكال ، وإنما الحل يكمن في اتباع الحق مع من كان !
فيجنح بوعي – وبدونه في أكثره- إلى : المخالفة لذات المخالفة ، وليس بحثا عن صواب ،
وهذه إشكالية ولدت بعد أن كثر التقليد الأعمى ، ولن يُحل الإشكال : بإشكال ، وإنما الحل يكمن في اتباع الحق مع من كان !
المزلة الخامسة : إشكالية التكاثر !
مما يحمد للقارئ : كثرة القراءة ، فسعة اطلاع الأفراد تقاس من خلال وفرة المقروء ، ولكن هذا شيء ؛ وأن يكون هاجس القارئ :
تعداد ما قرأه شيء آخر ، فهمه أنه قرأ كذا وكذا من الكتب ، أو كذا وكذا من الساعات ، فليست العبرة بكثرة الأكل ، وإنما بجودة الهضم ! ،
وثمة فرق بين القارئ النهم ، والقارئ الذكي ، وإن كان لابد من اختيار بينهما ؛ فليكن للثاني !
تعداد ما قرأه شيء آخر ، فهمه أنه قرأ كذا وكذا من الكتب ، أو كذا وكذا من الساعات ، فليست العبرة بكثرة الأكل ، وإنما بجودة الهضم ! ،
وثمة فرق بين القارئ النهم ، والقارئ الذكي ، وإن كان لابد من اختيار بينهما ؛ فليكن للثاني !
المزلة السادسة : القراءة الخادعة !
بعض الكتب لا تزود القارئ بالقوة العقلية ، ولا تقدم له التغذية الفكرية ، وحين يكون الإنسان حبيس فن ما ؛ فإن أدواته الفكرية ، وقدرات عقله التحليلية :
لا يطالها كثير نماء ، لذا يظن بعضهم أنه قد بلغ من الثقافة مبلغا حين يقرأ كثيرا في الروايات و القصص والأشعار ، ورغم ما فيها من محاسن ؛
إلا أن الوقوع في أسرها يجعل الإنسان محدودا مهما توسع فيها ! ، فليلبس الإنسان لكل مرحلة من مراحل المعرفة : لبوسها من نوعية المقروء !
لا يطالها كثير نماء ، لذا يظن بعضهم أنه قد بلغ من الثقافة مبلغا حين يقرأ كثيرا في الروايات و القصص والأشعار ، ورغم ما فيها من محاسن ؛
إلا أن الوقوع في أسرها يجعل الإنسان محدودا مهما توسع فيها ! ، فليلبس الإنسان لكل مرحلة من مراحل المعرفة : لبوسها من نوعية المقروء !
المزلة السابعة : القراءة الضائعة !
بعض القراء تجد كتبه بيضاء ناصعة ؛ كأنها للتو قد جُلبت من المطبعة ، فالقراءة عنده مجردة من تفاعل أي حاسة سوى العين ،
وعادات القراءة تختلف باختلاف الأشخاص والأعمار والأحوال ونوعية المقروء
ولكن تتابع أهل القراءة على التذكير والتأكيد على أهمية الكتابة ، فالكتابة صيد للفوائد المتناثرة على جنبات الكتب ،
والاعتماد على الذاكرة في تحصيلها : اعتماد بدون عمد ، فالنسيان آفة إذا تكاثر العدد ،فلا بد من التقييد بأي شكل كان .
وعادات القراءة تختلف باختلاف الأشخاص والأعمار والأحوال ونوعية المقروء
ولكن تتابع أهل القراءة على التذكير والتأكيد على أهمية الكتابة ، فالكتابة صيد للفوائد المتناثرة على جنبات الكتب ،
والاعتماد على الذاكرة في تحصيلها : اعتماد بدون عمد ، فالنسيان آفة إذا تكاثر العدد ،فلا بد من التقييد بأي شكل كان .
المزلة الثامنة : القراءة الناقصة !
يفتح أحدهم دفة الكتاب ، ويشرع في القراءة وما أن يجتاز شيئا يسيرا حتى يمل ويضع الكتاب جانبا ،
ثم يشرع في قراءة كتاب آخر دون عودة للكتاب الأول ، وهذه القراءات المجتزأة : تولد تصورات ناقصة ، توهم صاحبها بأنه قد حصل شيئا مذكورا ،
فتتولد منها آراء مشوهة ؛ لأنالقراءة الناقصة : لن تخرج عقلا يملك أدواتٍ حرة : تمكنه من محاكمة الأحداث والآراء وفق سنن المنطق والصواب !
ثم يشرع في قراءة كتاب آخر دون عودة للكتاب الأول ، وهذه القراءات المجتزأة : تولد تصورات ناقصة ، توهم صاحبها بأنه قد حصل شيئا مذكورا ،
فتتولد منها آراء مشوهة ؛ لأنالقراءة الناقصة : لن تخرج عقلا يملك أدواتٍ حرة : تمكنه من محاكمة الأحداث والآراء وفق سنن المنطق والصواب !
المزلة التاسعة : القراءة العشوائية !
حينما يغيب الهدف من القراءة ؛ فإن العقل يمخر عباب الفكر دون وجهة محددة ، وغياب هذه الوجهة .
يجعل العقل متقلبا في رياح الفكر : فأي مهب قد يسوقه ! ، فالقراءة العشوائية :
تصف المعلومات دون ترتيب ؛ مما يجعل عملية الإفادة منها ، والبناء عليها : عملية متعسرة !
يجعل العقل متقلبا في رياح الفكر : فأي مهب قد يسوقه ! ، فالقراءة العشوائية :
تصف المعلومات دون ترتيب ؛ مما يجعل عملية الإفادة منها ، والبناء عليها : عملية متعسرة !
المزلة العاشرة : تضخم الأنا !
حينما يدخل الإنسان عالم المعرفة من بوابة القراءة ؛ يبهره جمال هذا العالم ، فيداخله الزهو المعرفي ،
مما يجعل بعض الداخلين يأنف من التخطئة والتصويب ، ويرفض النقد والتقويم ،
وهذه المزلة نتاج مما سبق ، ولذا لا بد لكل قارئ أن يعرف الفرق جيدا بين عتبة باب القصر وبين عرش الملك ، لئلا يستميت من أجل عتبة !
مما راق لي ونقلته لكم
مما يجعل بعض الداخلين يأنف من التخطئة والتصويب ، ويرفض النقد والتقويم ،
وهذه المزلة نتاج مما سبق ، ولذا لا بد لكل قارئ أن يعرف الفرق جيدا بين عتبة باب القصر وبين عرش الملك ، لئلا يستميت من أجل عتبة !
مما راق لي ونقلته لكم