السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفرقُ بينَ:
( المُداهنةِ ) أو ( المُداراةِ )
المُداهنة والإدْهان : المصانعة واللين ،
وقيل : المداهنة إظهار خلاف ما يضمر ، والإدهان الغش ، ودهن الرجل إذا نافق .
كما يقول ابن منظور في لسان العرب .
وفي التوقيف على مهمات التعاريف: المداهنة أن ترى منكراً تقدر على دفعه فلم تدفعه ،
حفظا لجانب مرتكبه ، أو لقلة مبالاة بالدين .
✲✲✲✲✲✲✲
وأما المداراة : فهي المداجاة والملاينة ، كما في مختار الصحاح .
وقال ابن الأثير في غريب الحديث : المداراة ملاينة الناس وحسن صحبتهم ، واحتمالهم لئلا ينفروا عنك .
وفي المصباح المنير للفيومي: داريته مداراة: لاطفته ولايَـنْـتُـه .
فالأول – وهو المداهنة - تكون مع عدم طيب النفس ، ويكون مع عدم المحبة .
وقد تكون المداهنة في أمر مُحرّم ، بل قد يكون في الكفر – عياذاً بالله -
ولذا قال عز وجل : ( وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ )
قال ابن عباس فيها : ودوا لو تكفر فيكفرون .
قال ابن العربي في أحكام القرآن : وحقيقة الإدهان ؛
إظهار المقاربة مع الاعتقاد للعداوة ، فإن كانت المقاربة باللين فهي مداهنة ،
وإن كانت مع سلامة الدين فهي مداراة ، أي مدافعة .
قال ابن زيد في قوله تعالى : ( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) قال : الركون الإدهان .
✲✲✲✲✲✲✲
وقال عليه الصلاة والسلام:
" مثل الْمُدهِنِ في حدود الله والواقع فيها ،
مثل قوم استهموا سفينة ، فصار بعضهم في أسفلها ، وصار بعضهم في أعلاها ،
فكان الذي في أسفلها يمرّون بالماء على الذين في أعلاها ، فتأذّوا به ،
فأخذ فأسا فجعل ينقر أسفل السفينة فأتوه فقالوا:
ما لك قال تأذيتم بي ولا بد لي من الماء فإن أخذوا على يديه أنجوه ونجوا أنفسهم،
وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم ". رواه البخاري .
والرواية الأخرى عند البخاري: مثل القائم على حدود الله والواقع فيها .
فالمحب يُجامل ويُداري محبوبه
والمُبغِض يُنافق مبغوضه!
✲✲✲✲✲✲✲
وقد يمـرّ الشخص الواحد بموقفين مُتماثِلين ،
فيُداهن ويُنافق في أحدهما ، ويُداري ويُجامل في الآخر.
فعلى سبيل المثال :
يقول لك أبوك شيئًا ، أو يقترح أمرًا، وتكون لا تُوافقه فيه ،
فتسكت مُجاملة له ، ومُداراة لنفسه.
ويقول لك رئيسك في العمل نفس المقترح ، أو نفس الكلام ،
فتُوافقه مُداهنة ، ورغبة أو رهبة !
وقد يطلب منك أخوك سُلفة فتعطيه مجاملة ،
وقد يطلبها رئيسك في العمل فتُعطيه نفاقاً !
✲✲✲✲✲✲✲
والكريم يُجامل ويُداري ويُصانِع
واللئيم يُداهن ويُنافق !
ومِن هنا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما استأذن عليه رجل قال:
" ائذنوا له بئس أخو العشيرة أو بن العشيرة ،
فلما دخل ألان له الكلام . قالت عائشة رضي الله عنها:
قلت : يا رسول الله قلتَ الذي قلت ، ثم ألنت له الكلام . قال:
" أي عائشة إن شرّ الناس من تركه الناس؛
- أو ودعه الناس - اتقاء فحشه ". رواه البخاري ومسلم .
وكان مِن مُداراة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يواجه الناس بما يكرهون .
وإذا غضب عُرِف ذلك في وجهه .
ومن ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال : " ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعاماً قط ؛
إن اشتهاه أكله ، وإن كرهه تركه" . رواه البخاري ومسلم .
والرجل قد تأتيه زوجته بطعام ، ولا يُعجبه فيُجاملها ،
ويُداري خاطرها ، فهذه مجاملة ومُداراة ، وهي مطلوبة .
وهكذا ...
فالمجاملة والمدارة والمصانعة مطلوبة .
ومن لا يصانع في أمور كثيرة = يُضرّس بأنياب ويوطأ بمنسم !
والمداهنة والنفاق ممنوعة .
* كِتاب الرّوح لابن القيّم رحمه الله تعالى.
وفّقكم اللهُ.
الفرقُ بينَ:
( المُداهنةِ ) أو ( المُداراةِ )
المُداهنة والإدْهان : المصانعة واللين ،
وقيل : المداهنة إظهار خلاف ما يضمر ، والإدهان الغش ، ودهن الرجل إذا نافق .
كما يقول ابن منظور في لسان العرب .
وفي التوقيف على مهمات التعاريف: المداهنة أن ترى منكراً تقدر على دفعه فلم تدفعه ،
حفظا لجانب مرتكبه ، أو لقلة مبالاة بالدين .
✲✲✲✲✲✲✲
وأما المداراة : فهي المداجاة والملاينة ، كما في مختار الصحاح .
وقال ابن الأثير في غريب الحديث : المداراة ملاينة الناس وحسن صحبتهم ، واحتمالهم لئلا ينفروا عنك .
وفي المصباح المنير للفيومي: داريته مداراة: لاطفته ولايَـنْـتُـه .
فالأول – وهو المداهنة - تكون مع عدم طيب النفس ، ويكون مع عدم المحبة .
وقد تكون المداهنة في أمر مُحرّم ، بل قد يكون في الكفر – عياذاً بالله -
ولذا قال عز وجل : ( وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ )
قال ابن عباس فيها : ودوا لو تكفر فيكفرون .
قال ابن العربي في أحكام القرآن : وحقيقة الإدهان ؛
إظهار المقاربة مع الاعتقاد للعداوة ، فإن كانت المقاربة باللين فهي مداهنة ،
وإن كانت مع سلامة الدين فهي مداراة ، أي مدافعة .
قال ابن زيد في قوله تعالى : ( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) قال : الركون الإدهان .
✲✲✲✲✲✲✲
وقال عليه الصلاة والسلام:
" مثل الْمُدهِنِ في حدود الله والواقع فيها ،
مثل قوم استهموا سفينة ، فصار بعضهم في أسفلها ، وصار بعضهم في أعلاها ،
فكان الذي في أسفلها يمرّون بالماء على الذين في أعلاها ، فتأذّوا به ،
فأخذ فأسا فجعل ينقر أسفل السفينة فأتوه فقالوا:
ما لك قال تأذيتم بي ولا بد لي من الماء فإن أخذوا على يديه أنجوه ونجوا أنفسهم،
وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم ". رواه البخاري .
والرواية الأخرى عند البخاري: مثل القائم على حدود الله والواقع فيها .
فالمحب يُجامل ويُداري محبوبه
والمُبغِض يُنافق مبغوضه!
✲✲✲✲✲✲✲
وقد يمـرّ الشخص الواحد بموقفين مُتماثِلين ،
فيُداهن ويُنافق في أحدهما ، ويُداري ويُجامل في الآخر.
فعلى سبيل المثال :
يقول لك أبوك شيئًا ، أو يقترح أمرًا، وتكون لا تُوافقه فيه ،
فتسكت مُجاملة له ، ومُداراة لنفسه.
ويقول لك رئيسك في العمل نفس المقترح ، أو نفس الكلام ،
فتُوافقه مُداهنة ، ورغبة أو رهبة !
وقد يطلب منك أخوك سُلفة فتعطيه مجاملة ،
وقد يطلبها رئيسك في العمل فتُعطيه نفاقاً !
✲✲✲✲✲✲✲
والكريم يُجامل ويُداري ويُصانِع
واللئيم يُداهن ويُنافق !
ومِن هنا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما استأذن عليه رجل قال:
" ائذنوا له بئس أخو العشيرة أو بن العشيرة ،
فلما دخل ألان له الكلام . قالت عائشة رضي الله عنها:
قلت : يا رسول الله قلتَ الذي قلت ، ثم ألنت له الكلام . قال:
" أي عائشة إن شرّ الناس من تركه الناس؛
- أو ودعه الناس - اتقاء فحشه ". رواه البخاري ومسلم .
وكان مِن مُداراة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يواجه الناس بما يكرهون .
وإذا غضب عُرِف ذلك في وجهه .
ومن ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال : " ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعاماً قط ؛
إن اشتهاه أكله ، وإن كرهه تركه" . رواه البخاري ومسلم .
والرجل قد تأتيه زوجته بطعام ، ولا يُعجبه فيُجاملها ،
ويُداري خاطرها ، فهذه مجاملة ومُداراة ، وهي مطلوبة .
وهكذا ...
فالمجاملة والمدارة والمصانعة مطلوبة .
ومن لا يصانع في أمور كثيرة = يُضرّس بأنياب ويوطأ بمنسم !
والمداهنة والنفاق ممنوعة .
* كِتاب الرّوح لابن القيّم رحمه الله تعالى.
وفّقكم اللهُ.