X

لهُ المُلك l في الرّضا بالقضاء

المنتدى العام

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • سناء
    Thread Author
    VIP
    • Nov 2018 
    • 467 
    • 408 
    • 936 

    بسمِ الله الرّحمن الرحيم
    السلام عليكمُ ورحمة الله تعالى وبركاته

    إخوتي في الله؛ رُوّاد بوابة داماس؛
    فيما يلي مقالٌ قيّمٌ، وطيبُ تذكير.



    له الْمُلْك
    عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

    الحمد لله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد الحمد لله يقضي بالحق ويحكم بالعدل ، فالأمر أمره والمُلك ملكه والحُكم حُكمه والعبْدُ عبده ، فَلِمَ الاعتراض ؟
    لا يُسألُ عمّا يفعلُ في مُلْكِه سبحانه وتعالى لأنه هو المَلِك المتصرِّف ، له المُلك وله الأمر وله الحمد

    " له الْمُلْك " ، فَعَلامَ الاعتراض ؟
    كم تكرر في كتاب الله عزّ وجَلّ ، وفي سّنة رسول الله صلى الله عليه وسلم " له الْمُلْك " ..
    في أفضل الأذكار : لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له " له الْمُلْك " وله الحمد وهو على كل شيء قدير .

    في كل صباح ومساء نقول : " له الْمُلْك "

    في دُبُرِ كل صلاة نقول : " له الْمُلْك "

    عند النوم نقول : " له الْمُلْك "

    وعند الاستيقاظ مِن النوم نقول : " له الْمُلْك "

    بل وحتى عند التقلّب مِن النوم نقول: " له الْمُلْك" .. إذعانًا مِنا وإقرارًا بأن المُلك كله لله

    " له الْمُلْك " فلا شريك له
    " له الْمُلْك " فلا يُعارَض في حُكمه
    " له الْمُلْك " فلا يُنازَع في شَرْعِه
    " له الْمُلْك " يَفعل ما يشاء .
    " له الْمُلْك " (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ).

    قال الإمامُ الطحاويُّ : وَأَصْلُ الْقَدَرِ سِرُّ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ ، لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، وَلا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ . وَالتَّعَمُّقُ وَالنَّظَرُ فِي ذَلِكَ ذَرِيعَةُ الْخِذْلانِ ، وسُلَّمُ الْحِرْمَانِ ، وَدَرَجَةُ الطُّغْيَانِ . فَالْحَذَرَ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ ذَلِكَ نَظَرًا وَفِكْرًا وَوَسْوَسَةً ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى طَوَى عِلْمَ الْقَدَرِ عَنْ أَنَامِهِ ، وَنَهَاهُمْ عَنْ مَرَامِهِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)، فَمَنْ سَأَلَ : لِمَ فَعَلَ ؟ فَقَدْ رَدَّ حُكْمَ الْكِتَابِ ، وَمَنْ رَدَّ حُكْمَ الْكِتَابِ ، كَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ . اهـ .

    قال ابن القيم رحمه الله وهو يُبيّن العلم الممنوح للعباد والعلم الممنوع : "كذلك أعطاهم من العلوم المتعلقة بصلاح معاشهم ودنياهم بقدر حاجاتهم كعلم الطب والحساب وعلم الزراعة والغراس ....... ثم منعهم سبحانه علم ما سوى ذلك - أي علم ما سوى ما ينفعهم - مما ليس في شأنهم ولا فيه مصلحة لهم ولا نشأتهم قابلة لـه، كعلم الغيب وعلمِ ما كان وكلّ ما يكون ....... ا.هـ .

    فمنع الله عنهم ما لا مصلحة لهم به كعِلم الآجال والأقدار والمقادير المقدّرة عليهم ، لأن الإنسان لو علِم ما يصيبه ما تهنأ بحياة .
    تخيل لو كان الإنسان يعلم أنه سَيَموت بعد سنة ، كيف ستكون حياته ؟ كيف يهنأ بعيش ؟
    وجاء في الأثر " إن اللهَ أَخْرَجَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ مِنَ الْجَنَّةِ فَلَمْ يَهْبِطْ مِنَ السَّمَاءِ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَأَخْرَجَ ذُرِّيَّتَهُ . ثُمَّ كَتَبَ آجَالَهُمْ وَأَرْزَقَاهُمْ وَمَصَائِبَهُمْ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ آدَمُ فَرَأَى مِنْهُمُ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ وَحَسَنَ الصُّورَةِ وَدُونَ ذَلِكَ، فَقَالَ: رَبِّ لَوْلَا سَوَّيْتَ بَيْنَهُمْ؟ قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُشْكَرَ " .
    وأصل إخراج ذرية آدم وعَرْضهم عليه عند الترمذي .

    وقال ابن كثير في قوله تعالى : ( لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) : أَيْ: هُوَ الْحَاكِمُ الَّذِي لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ، وَلا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ أَحَدٌ ؛ لِعَظَمَتِهِ وَجَلالِهِ وَكِبْرِيَائِهِ ، وَعُلُوِّهِ وَحِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ وَلُطْفِهِ . اهـ .

    مَن الذي يريد أن يعترِض على الله عز وجل المتصف بهذي الصفات ؟
    فإن أفعال الله عزّ وجل كلها ، عَدلٌ وحِكمةٌ ورحمة ، ولكن الإنسان ينظُر إليها نظرًا قاصِرًا . ثم يعترِض بناءً على هذا النظر !

    وفي تعزية النبي صلى الله عليه وسلم : إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ ، وَلَهُ مَا أَعْطَى ، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى . رواه البخاري ومسلم .
    فيجب أن نُوقِن بأننا عبِيد مَرْبُوبُون ، ليس لنا مِن تدبير الأمر مِن شيء ؛ فلله ما أخذ ، ولله ما أعطَى ، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى .
    وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لَا يُعَجِّلُ شَيْئًا مِنْهَا قَبْلَ حِلِّهِ، وَلَا يُؤَخِّرُ مِنْهَا شَيْئًا بَعْدَ حِلِّهِ . رواه مسلم .
    فإذا أيقنّا بذلك ، لم يكن لنا أدنى اعتراض ، بل نؤمن ونُسلِّم ونرضى ، وفوق ذلك : الْحَمْد عند المصيبة .

    ومِن الاعتراض على الله : الاعتراض عليه في شَرْعِه ، وفي حُكمِه ، وفي قَدَرِه .
    قال الله تعالى : (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ).
    فالذي يَزعُم أن ذَبْح الحيوان المأكول وَحْشِيّة يُنازِع الله في شَرْعه ! ويُحرِّم ما أحَلّ الله تَقْليدًا للكُفّار !
    وهذا خَلَل في توحيد الربوبية ! وتقليد للكفّار !

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَالإِنْسَانُ مَتَى حَلَّلَ الْحَرَامَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ ، أَوْ حَرَّمَ الْحَلالَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ ، أَوْ بَدَّلَ الشَّرْعَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ : كَانَ كَافِرًا مُرْتَدًّا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ . اهـ .

    ومِن مُشاهَدَة العواقِب : النّظر إلى حُسن اختيار الله لِعبدِه ، وأن الإنسان لو تُرِك لاختياره لَهَلَك .
    قال ابن القيم : مَن صَحّتْ لَهُ مَعرفَةُ رَبِّه وَالْفِقْهُ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِه: عَلِمَ يَقِينًا أَن المكروهاتِ التي تصيبُه والْمِحنَ التي تَنْزِلُ بِهِ فِيها ضروبٌ من الْمصَالحِ وَالْمَنَافِعِ التي لا يحصيها علمُه وَلا فكرتُه، بل مصلحَةُ العَبْدِ فِيمَا يكره أعظمُ مِنْهَا فِيمَا يحبُّ ، فعامَةُ مصَالحِ النُّفُوسِ فِي مكروهاتِها ، كَمَا أَن عَامَّةَ مضارِّها وَأَسْبَابِ هَلَكَتِها فِي مَحبُوبَاتِها . اهـ .


    ...................................................


    في أمانِ الله.

  • hamidkh
    Free Membership
    • Oct 2020 
    • 135 
    • 237 
    • 405 

    #2
    Comment
    Working...
    X