X

هذا عفو مَخلُوق وعَطاؤه ، فكيف بِعفْو العَفو العظيم ، وعَطاء ذِي الْجَلال والإكْرام؟!

المنتدى العام

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • سناء
    Thread Author
    VIP
    • Nov 2018 
    • 467 
    • 408 
    • 936 

    بسمِ الله الرّحمن الرحيم
    السلام عليكمُ ورحمة الله تعالى وبركاته

    إخوتي في الله؛ رُوّاد بوابة داماس؛
    فيما يلي مقالٌ قيّمٌ، وطيبُ تذكير.


    هذا عفو مَخلُوق وعَطاؤه ، فكيف بِعفْو العَفو العظيم ، وعَطاء ذِي الْجَلال والإكْرام ؟

    أسَرَ مُصعب بن الزبير رَجُلاً ، فأمَر بِضَرْبِ عُنُقِه ، فقال الرّجُل : أعَزّ الله الأمير ،

    ما أقْبَح بِمِثلِي أن يَقوم يوم القيامة فيَتَعَلّقَ بِأطْرَافِك الْحَسَنَة ، وبِوَجْهك الذي يُستَضَاء بِه ،
    فأقول : يا ربّ ، سَلْ مُصْعَبا فِيمَ قَتَلَنِي ؟ فقال مُصعب: يا غُلام ، اعْفُ عنه ،

    فقال الرّجُل : أعَزّ الله الأمير ،
    إن رأيتَ أن تَجعَل ما وَهبْتَ لي مِن حياتي في عَيش رَخِيّ ، قال : يا غُلام ، أعطِه مائة ألْف ،

    فقال الرّجُل : أعَزّ الله الأمير ، فإني أُشْهِد الله وأشْهِدك أني قد جَعَلتُ لابن قَيْس الرّقَيّات منها خَمسِين ألفًا ،

    فقال له مًصعب : ولِمَ ؟ قال الرّجُل : لِقَولِه فِيكَ :

    إنما مُصعب شِهاب مِن الله *** تَجَلّت عن وَجْهِه الظّلْمَاء
    رواه الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " ، ومِن طريقِه : رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " وابن الجوزي في " الْمُنتَظَم " .



    إذا كان هذا التّذَلُّل لِمَخْلُوقٍ أدّى إلى العَفْو عنه ، وإكْرَامِه ، فكيف بِمَن تَذَلَّل لأكرَمِ الأكْرَمِين ، وأرحَمِ الرّاحمين سبحانه وتعالى ؟!

    قال ابن كثير رحمه الله : وَقَدْ كَان مُصْعَبٌ مِنْ أجْوَدِ النَّاسِ وَأكْثَرِهِمْ عَطَاء ، لا يَسْتَكْثِرُ مَا يُعْطِي وَلَوْ كَانَ مَا عَسَاهُ أنْ يَكُونَ ; فَكَانَتْ عَطَايَاهُ لِلْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ وَالْوَضِيعِ وَالشَّرِيفِ مُتَقَارِبَة .

    وَقِيل : إنّ أخَاهُ عَبْدَ اللّه كَان إذَا كَتَب لأحَدٍ جَائِزَةً بِأَلْفِ دِرْهَم جَعَلَهَا مُصْعَبٌ مِائَة ألْف دِرْهَم .

    (البداية والنهاية).

    ..................

    في أمان الله.
  • أنيس
    VIP
    • Sep 2018 
    • 1283 
    • 585 
    • 1,001 

    #2
    جزاك الله كل خير يا أخت سناء على ما تعظين به من بلاغة الحكمة في هذه الدوحة المزهرة بحضور أعضائها الكرام
    وقد روي بسند مشهور في أحد البيئات الاجتماعية وهم جماعة من البدو الرحل قد توفى بينهم رجل في مكان من البادية وهم فيه مقيمين .
    وبعد تجهيزه للدفن احتار الحضور في كيفية تلقينه كما يفعل البعض عند وضع الميت في لحده فجنحوا لانتظار أي قادم لعله يقوم بهذه المهمة ,
    وبعد الانتظار قرابة الساعة شاهدوا اعرابي راكب بعير يتجاوز على مقربة منهم فبادروا لدعوته بالحضور لعله يقوم بتلقين المتوفى بما يجب أن يقال له .
    صمت الرجل قليلا ثم قال للحضور ليبتعد عن القبر جميع الحضور ولا يبقى سواي .
    فعلا ابتعد الجميع من حول القبر واقترب الراكب إلى جوار المتوفي في القبر وهمس بكلمات لم يدرك الجميع ما تلفظ به وما قاله ,
    وفي الليلة التي تلت الدفن حلم أحد أصدقاء المتوفي بأنه حضر إليه وطلب منه أن يذهب أولاده إلى الإعرابي
    الذي لقنه بغاية شكره وبرِّه لما ناله من حضوره الشفاعة والسماح عن المتوفي من الله عز وجل ,
    وفعلا ذهب أولاد المتوفي وبرفقتهم صاحب الحلم إلى الإعرابي شاكرين وبارِّين ,وهناك سأله أحدهم عن ما تلفظ به عند تلقين المتوفي فقال :
    أنا لم أجيد تلقين الأموات ولكن عندما أدركت ارتباك القوم وتأجيل دفن المرحوم فأردت أن يوارى عليه ستره من التراب
    ولكنني توجهت إلى الله عز وجل بالقول " ربي إن هذا الرجل قد حل ضيفاً عليك , وعزتك وجلالك لو حلَّ ضيفا علي لذبحت له البعير الذي أركبه
    ولكنه قد حلَّ عليك وأنت أكرم الأكرمين " .
    وهنا أدرك الجميع من روى ومن سمع أن كرم الله وعفوه لا يماثله كرم وأن الله عز وجل هو أرحم الراحمين بعزته وجلاله .
    نختم بالشكر لك أختنا الفاضلة وننتظر المزيد من ريشتك الواعظة ..
    Comment
    Working...
    X