الشيخ أحمد بن محمد بن أحمد الحملاوي (1856 - 1928 م) عالم لغوي مصري. وأحد رواد علم اللغة والصرف بالقرن التاسع عشر.
وهو مؤلف كتاب فن الصرف الشهير شذا العرف في فن الصرف. ومما قال في قصيدته اللامية :

القلب بالحب مشغوف ومشغول…والجسم بالوجد منهوك ومهزول
والدمع خدد خدى من تساقطه…والصبر منقطع والوجد موصول
يا عاذلي كف عن لومى وعن عذلى…فقلما قيل التأنيب معذول
وكيف أقبل والأشواق تنشرني…طورا وتطوى فؤادي وهو متبول
هم الأحبة إن حلوا وإن رحلوا…فالقرب والبعد مهما قلت موصول
بانوا فبت أناجي النجم مبتئسا…والطرف بالسهد مكلوم ومكحول
والقلب والهدب من دمعى ومن أرقى…بالوجد والشوق مفتون ومقتول
لا يمسك الجفن دمعا حين أذكرهم…إلا كما يمسك الماء الغرابيل
إني أحث ركاب الشوق أطلبهم…وخطوة الشوق في ليل السرى ميل
متى الوصول لربع فيه قد نزلوا…بالأنس والصفو معمور ومأهول
يا حادى العيس عرج نحو حبهم…فإن قلبي بأهل الحي مشغول
بالمنحنى نزلوا أو سفح كاظمة…أو للعقيق بهم سارت مراسيل
بالمنحنى نزلوا أو سفح كاظمة…أو للعقيق بهم سارت مراسيل
وإن ضللت طريقا حين تقصدهم…فالمندل الرطب للحيران مشعول
وإن وصلت مقام الحي في سحر…فانزل فأوجبههم فيه قناديل
وناد فينا وهل هاتوا بشائركم…فقد وصلتم وما في الوصل تخييل
وإن رأيت خياما فيه قد ضربت…وقت الهجير فقل يا صحبنا قيلوا
فالكل يوليك بالتبشير نائله…وكل ما تبتغي بالبشر مبذول
أنزلتنا منزلا جلت مناقبه…وزانه مع علو القدر تبجيل
هذى الربوع بهم طابت منازلها…فزهر دوحتها بالغيث مطلول
لأنها طيبة طابت بساكنها…منها عليها ستار النور مسدول
بها ثوى خير خلق الله من ضر…محمد من به الإساد مأمول
طابت بقبر رسول الله وارتفعت…قدرا وصار لها بالقبر تفضيل
قبر به النور لا تخبو أشعته…لايعتريها مدى الأزمان تأفيل
فيه النبي الذي لولاه ما غدقت…رحمى ولا فاز في القربان هابيل
فيه النبي الذي لولا نبوته…ما كان للحق والقرآن تنزيل
المصطفى المجتبى المحمود سيرته…من كان خادمه بالوحى جبريل
من قبل مبعثه قد بشرت صحف…وأيد الصحف توراة وإنجيل
بأنه الصادق المصدوق في أزل…وأن صارمه في الكفر مسلول
وحدثت قومها الرهبان قائلة…بأن هذا به للرسل تكميل
وأن شرعته للكل ناسخة…ودينه لجميع الخلق معقول
حمى الإله حماه عام مولده…من العداة فخاب القال والقيل
ورد عن حرم بالكيد أبرهة…إذ دمرت جنده الطير الأبابيل
فكان عاقبة الأقوام أن هلكوا…لهم عذابان سجين وسجيل
ويوم مولده النيران قد خندت…وصرح كسرى بايدي الصدع مثلول
وماء ساوة قد جفت موارده…فما بها أثر بالماء مبلول
وقد تنكست الصبان وانصدعت…حزنا كما انصدعت فيه التماثيل
وكل مشترق للسمع قد رجمته…الشهب نارا فولى وهو مخذول
وأصبح الشرك في ذل وفي نكد…وحيد بيد المختار مغلول
واشرق الكون لما حان مولده…لأنه لصلاح الكون مأمول
فأخصبت مذ تبدى كل ناحية…إذ غيث طلعته من دونه النيل
وأصبحت بعد طول الفقر في سعة…حليمة وأتاها الطول والطول
ودر ضرع وكل الأتن قد سبقت…أتانها إذ عليها العز محمول
والمحل أدبر والدنيا لها ابتسمت…إذ سعدها بحبيب الله مكفول
سمح الخليقة من إبان نشأته…على الهدى وصفات الحلم مجبول
وبالأمين دعوه وهو في صغر…فحكموه فزال القال والقيل
رأت خديجة منه كل مكرمة…فإنه برضا الرحمن مشمول
فأرسلته تجعل في تجارتها…وكان في نفسها اللريج تأميل
في العود أخبرها بالفضل ميسرة…وأن متجرها بالربح موصول
والصخر سلم والأشجار قد نطقت…وللغمامة أنى سار تظليل
فأرسلت لذويه الغر تخطبه…وبعد خطبته قد كان تأهيل
فثم سعد علاها يوم أن شرفت…بالمصطفى وأتاها الحظ والسول
واختار غار حرا مأوى عبادته…حتى أتاه بوحي الله جبريل
فخاف وارتعدت منه فرائصه…إذ كان في بدئه ضم وتثقيل
أنى خديجة مذعورا ومرتعدا…فأذهب الرعب تدثير وتزميل
فطيبت بجميل القول خاطره…ولابن نوفل ساقتها التفاصيل
فأخبرته بمرآه ومسمعه…فقال هذا به للرسل تكميل
وبعد ذا فتر الوحي الشريف وقد…أمسى لفترته في القلب توجيل
وبعد عودته بالوحي كلفه…بقم فأنذر فما في الأمر تمهيل
فقام يدعو بآيات مبينة…إلى الهدى وظلام الكفر مسدول
فآمنت عصبة التقوى بدعوته…مستبشرين وعادته الأسافيل
وكان أول من عادى أبو لهب…إن القريب على العدوان بجبول
لكن أبى الله إلا أن يشرفه…على الجميع وتنجاب الأباطيل
والله طهرة قلبا وأظهره…عليهم فدم التضليل مطلول
وما الجحود لدعوى الحق ينفعهم…إن الجحود أمام الحق مخذول
هذا هو الحجة العظمى فملته…لا يعتريها مدى الأزمان تحويل
وفي شفاعته العظمى لمتبع…وغير متبع فضل وتفضيل
حيث الجميع بيوم الحشر في وجل…وفي يديه لولد الحمد محمول
عليه بالوحي آيات منزلة…من ربه لم ينلها قط تبديل
فيها شفاء وترياق لذى مرض…لكن بها قلب أهل الشرك معلول
قد أعجزت كل منطيق فصاحتها…إذ من حكيم عليم جل تنزيل
لا يستطيع بليغ أن يعارضها…حاشى وكلا تحاكيها المقاويل
ذكر حكيم عليه الله أنزله…يهدى إلى الرشد ترتيب وترتيل
لله من حكم راقت مشاربها…ومنه كم أعجز الأحلام تأويل
راموا معارضة القرآن فانقلبوا…طرا خزايا وحزب الكفر مخذول
يزداد حسنا بتكرار لسامعه…اما سلواه فبالتكرار مملول
محمد رحمة للخلق قاطبة…وفيه قد طابق المنقول معقول
من عصبة شرف الرحمن مجتدهم…إذ هم قريش لهم في المجد تاثيل
قوم أسرتهم بالبشر ناطقة…عند السماح بها متهم قناديل
فكل فضل وذى فضل لهم تبع…ومن سواهم على الإطلاق مفصول
ومنهم أختار رب العرش صفوته…فكان في بعثه للشرك تعطيل
أعلى النبيين مقدارا ومنزلة…لأنه غرة والكل تحجيل
فذكره بألم نشرح ورفعته…برهان صدق إلى القرآن موكول
مطهر القلب من عيب يدنسه…لأنه بمياه الحق مغسول
وشرعه ناسخ ما كان سابقه…وما على الشرع بعد النسخ تعويل
ووجه أمته ضوء الوضوء به…قد زانه غرر منه وتحجيل
كانت به في البرايا أمة وسطا…تأتى شهودا وما في الحشر تعديل
اسرى به الملك العلام يصحبه…لخدمة السير ميكال وجبريل
وقدمته جميع الرسل أم بهم…في مسجد هو بالسادات مأهول
ونال كل نبي حسن غايته…إذ كلهم بلقا المختار مشغول
جسم وروح على المعراج قد عرجا…إلى السماء وهذا الأمر مقبول
حتى دنا فتدلى من حظيرته…وقد علاه من الأنوار إكليل
من قاب قوسين أو أدنى تقربه…له الرضا والعطا والصفو مبدول
والحجب قد رفعت والبسط قد فرشت…وكم به كان ترحيب وتأهيل
يا حبذا وقت قرب غير منتظر…لا القرب يدرى ولا التكييف معقول
داس النبي بساط العرش منتعلا…ما طور سينا ومن موسى وحزقيل
حلا الحبيب بمحبوب فكان له…منه الرضا وبفيض الفضل مشمول
وبالصلاة صلاة الخمس كلفه…فكل عز بهذا القرض مكفول
فتلك مرتبة ما نالها أحد…من النبيين جيلا بعده جيل
هذا هو العز لا مال ولا نشب…هذا هو الفضل لا يعلون تفضيل
وعاد مكة مسرورا يسير به…ليلا براق يحاكى البرق زهلول
وفي الصباح حكى عن بعض رحلته…فالبعض صدقه والبعض مذهول
لكن أبو بكر الصديق قال لهم…لو فوق هذا حكى لي فهو مقبول
فارتد قوم عن الإسلام إذ زعموا…أن الحديث بهذا فيه تضليل
عن غيرهم وصفات البيت قد سألوا…فكان منه لوصف الكل تفصيل
عموا وصموا وحادوا عن طريقته…إن الضياء لدى العميان مجهول
وبينتوا رأيهم في دار ندوتهم…وأجمعوا أنه لاشك مقتول
أنى لهم ذا وعين الله تحرسه…من البغاة وحبل البغي مبتول
فسار ليلا مع الصديق متجها…نحو المدينة حيث العز مأمول
آوى إلى الغار مصحوبا بصاحبه…وطرف أعدائه بالسهد مكحول
ليثان في بطن هذا الغار قد نزلا…كأنما الغار إذ آواهما غيل
وقد قفا غثرهم في كل ناحية…قوم لهم في اقتناص المال تاميل
ألفوا على الغار نسج العنكبوت وقد…باض الحمام به والعش مجدول
تلك الوقاية خالت دون طلبتهم…فأين منها لدى الهيجا سرابيل
لا يبصرون بعين أينما نظروا…كأن أعينهم من زيغها حول
هذا سراقة قد ساخت به فرس…في الأرض وهو بنيل الجعل مشغول
أجاره المصطفى فضلا وبشره…أن السوار له من بعد مبذول
ما أحسن الوصف يتلى من شمائله…عن أم معبد لا يحكيه تمثيل
بلمس راحته درت شويهتها…فطاب بالدر مشروب ومأكول
نالت بطلعته الأنصار عزتها…إذ عز طيبة بالمختار موصول
كانت لمقدمه الأبصار شاخصة…وآية البشر تكبير وتهليل
كل يروم به تشريف منزله…وسير ناقته وخذ وتبغيل
ففاز منه أبو أيوب بالغرض الأ…سمى وهذا له لاك تفضيل
نادته طيبة يا مختار ذا شرفى…فليس عني مدى الأيام تحويل
وأغنت الهجرة الأنصار قاطبة…فكل ذي هجرة بالبر مشمول
لله قوم من الأنصار قد نصروا…دين النبي فهم غر بهالليل
يا أصحاب باس على الكفار ديدنهم…بعصبة الكفر تقتيل وتنكيل
سيوفهم في دياجي النقع لامعة…ونسج داود في الهيجا سرابيل
سمر الرماح لها في كفهم شرف…والرمح يشرف قدرا وهو محمول
فكم بها أسطر الكفار قد محبت…والحرف بالطعن منقوط ومشكول
تبودا الدار والإيمان وارتضوا…ثدى السماح وفيهم جاء تنزيل
اصحابه الغر كم شدوا وكم وثبوا…على العدو وسيف النصر مسلول
في حب خير الورى باعوا نفوسهم…وكل شيء غلا في الحب مبذول
كأنهم في مجال الحرب إذ سمعوا…إن تنصروا الله ينصركم جناديل
لا يبتغون سوى الرضوان منزلة…ومالهم عن حياض الموت تهليل
قوم بهم راية الإسلام خافقة…شم الأنوف لهم في الصعب تذليل
نبالهم فوق هامات العدا مطر…فأين مرتين منها والقنابيل
جند إذا وقفوا أسد إذا زحفوا…أين الساطين منهم والأساطيل
في جحفل لجب بالصبر مدرع…لهم لدى الطعن نسبيح وتهليل
في يوم بدر بتمزيق العدا ابتدروا…وغرب سيف العدا في الحرب مفلول
كم في العريش دعا المختار مبتهلا…سيهزم الجمع والقوم الأراذيل
جاءت ملائكة للنصر مردفة…مسومين وجيش الكفر مكبول
فللقليب بأثواب الردى انقلبوا…وكم بمكة قد ناحت مثاكيل
كم معجزات بهذا اليوم قد ظهرت…بصدق موقعها قد صح منقول
وما وهى أحد في ملتقى أحد…ولا ثناه عن التجديل مجدول
فأنحنوا الجيش طعنا في حناجرهم…فالكل بالطعن مهزوم ومهزول
طارت قلوب العدا من بأسهم فرقا…ومزقوا فرقا والعقل مذهول
ويوم مؤتة قد ماتوا بحسرتهم…فكم بها كان مجروح ومقتول
والطير فوق رؤوس الجيش حائمة…لها من اللحم مشروب ومأكول
جاءت قريش مع الأحزاب في نفر…من اليهود فعم الكل تنكيل
من بعد ما خندق المختار طيبته…ردوا خزايا وريش الكل منسول
فأزعجوا بجنود الله وانصرفوا…وعزمهم بيد الأقدار محلول
وفي النضير لقد كانوا غطارفة…وفي قريظة قد نالوا وما نيلوا
عن يوم خيبر حدثنا ولا حرج…حيث اللواء لواء النصر محمول
ظن اليهود بأن الحصن يمنعهم…من الجلاء فخانتها المعاويل
وخربوا بأيديهم وقد أخذوا…قوتا يسير وباقى المال مملول
كانت لهم بيعة الرضوان تاج علا…إذ عاهدوا ربهم والعهد مسءول
وفتح مكة لم يعدل به شرفا…فتح مبين به للدين تفضيل
قد طهر الله هذا البيت من دنس…وأخرجت بيد الصحب التماثيل
والناس قد دخلت في دينه زمرا…والوعد ثم وأمر الله مفعول
ظللت قريش غداة الفتح في وجل…والكل بالعفو مشغوف ومشغول
فما ونى المصطفى إذ قال مبتسما…العذر والعفو مقبول ومأمول
وكان يوم حنين في شدائده…للركب كرب وللجافين تجفيل
وكان خير الورى في الجاش أثبتهم…إذ ما على غيره في الأمر تعويل
قد أعجبتهم غداة الزحف كثرتهم…فللنفوس بدرك النصر تسويل
عليهم الأرض قد ضاقت بما رحبت…وربما جاء بعد الضيق تسهيل
جاءت هوازن في زهو وفي صلف…فمزقت شملهم صيد رعابيل
رماهم المصطفى بالرمل فانقلبوا…والرمل بالرمى في العينين منخول
فكل عين ترمى الرمل قد طمست…وكل جيد بحبل الأسر مغلول
وأنزل الله في الأثنا سكينته…مع الملائك فانجابت عراقيل
وكان يوما على الكفار منعكسا…قتل وسبى وتكبيل وتنكيل
وضاق بالسبي والأموال أودية…فمجمل السبي إن حققت مجهول
ونال أخت رضاع بعد ما سبيت…وأحضرت كرم يتلوه تنفيل
لله يوم به الأصحاب قد صبروا…تم الجهاد به وانجاب تضليل
درع من الصبر والإقدام قد لبسوا…كل على الصبر والإقدام مجبول
والقصد يدركه بالصبر ذو جلد…إن كان في أجل الإنسان تأجيل
وسار جيش تبوك يوم عسرتهم…والبيد حصباؤها بالقيظ مملول
فماثتلهم عن الترحال عسرتهم…ولا هجير به تغلى المراجيل
بل قال قائلهم والرمس مصطخد…من جد في الأمر لا يثنيه تقبيل
ولا تخلف عنهم غير معتذر…وذى نفاق له في الجيش تخذيل
كانت غزاة لبعض الناس فاضحة…فيها تبين مطرود ومقبول
بالرعب قد نصر الهادى فمذ سمعت…به النصارى غدا للكل تجفيل
وكم بها ظهرت كالشمس معجزة…في شرح مجملها للناس تطويل
دعا النبي وكان الجيش في ظمأ…فأمطروا غدقا فالماء منهول
وركوة الماء قد فاضت مواردها…ري وطهر وباقى الماء محمول
قالوا وقد شردت في البيد ناقته…يدرى السماء وأمر الأرض مجهول
وحيث أخبرهم عنها انثنوا فإذا…خطامها بجذوع السرح مشكول
كذاك من خلفوا بالله ما نطقوا…سوءا ولا صدرت منهم أقاويل
فكذبوا بكلام الله في غدهم…إن الكذوب يلاحي وهو مخجول
هموا بما لم ينالوه وما نقموا…إلا بفضلى الغنى غذ هم تنابيل
كم معجزات بها مع غيرها ظهرت…كالشمس لا يعتربها عوض تأفيل
فمن أصابعه الماء الزلال جرى…فمنه للصحب منهول ومعلول
في كفه الحصيات السبع قد نطقت…وللطعام به كنز وتفضيل
أبو هريرة قد أغناه مزوده…في الأكل عمروا ولم ينقصه مأكول
كتمر جابر إذ وفى وما نقصت…بعد الدعاء له منه المكابيل
وقصعة أكل الأصحاب أجمعهم…منها وما إن عراها قط تقليل
والعس من لبن أروى به ملأ…وحيس أم سليم فيه تحفيل
وكم وكم من قليل الشيء كثرة…وكم بدعوته قد صح مملول
فرد عين قتاد بعد ما قلعت…فما اشتكت رمد أو مسها ميل
كذاك عين على أبصرت وصفت…مذ كان فيها شريف الريق متفول
ومس أفرعهم فارتد ذا شعر…وصار للشعر تجعيد وترسيل
وابن الحصين وسعد حينما رميا…فكان في لمسه للجرح تعديل
وصح لابن عتيك بعدما انكسرت…ساق بمسح فأضحى وهو زحليل
والصخر صيره رملا بمعوله…من بعد ما انصدعت فيه المعاويل
وكان ما كان مما عنه أخبرهم…من القصور وفي ذا جاء تنزيل
وأقبلت نحوه الأشجار ساجدة…لما دعاها وللأغصان تهديل
ثم انثنت حيث كانت بعدما أمرت…وخط أغصانها في الأرض مشكول
والضب كلمه والجذع حن له…كما تحن لدى البعد المثاكيل
له البعير اشتكى من جور صاحبه…ووجهه من دموع الظلم مطلول
أجاره المصطفى من جور صاحبه…فعاد وهو بحسن الحظ مشمول
وظبية صادها بالفخ ذو شرك…وحيله بيد الإحكام مقتول
بكت فراق بنيها وهي مرضعة…والطفل بالجوع منهوك ومهزول
فمذ رآها رسول الله أطلقها…لما استجارت به والقلب مشغول
فأرضعت ثم عادت حسبما وعدت…من بعد ما آمنت والجسم محبول
والذئب قد أرشد الراعى وقال له…ترعى ومكة فيها القصد والسول
فيها رسول إله العرش أرسله…يهدى إلى الرشد مأمون ومأمول
فساروا الذئب في الأغنام يحرمها…فكان للذئب بعد العود تبجيل
والطفل خاطبه في المهد مبتسما…ولفظه بمذاب الشهد معسول
وصح صاحب الاستشقاء من مرض…والخصب منه بالاستبقاء موصول
من نخلة خر عذق إذ أشار له…وعاد لم يتناثر منه عثكول
وانشق معجزة للمصطفى قمر…مافى حقيقته للعين تحويل
وحذرته من السم الزعاف بها…ذراع شاة لها في المنع تهويل
ونخل سلمان قد طابت مغارسه…ومنه في عامه جادت عناكيل
في الصخر أقدامه غاصت مؤثرة…ومالها أثر في الرمل ممقول
وكم وكم معجزات ما لها عدد…لها من الله تقريع وتاصيل
تحكى بكثرتها عد النجوم فما…تحصى تعددها كتب ولا قيل
ومعجزات جميع الرسل قد قضيت…يموتهم مذ رآها ذلك الجيل
ومعجزات رسول الله باقية…لا يعتريها بفضل الله تحويل
تكفل الله بالقرآن يحفظه…وما تكفله الرحمن مكفول
يا سيد الخلق من عرب ومن عجم…ومن عليك بيوم الحشر تعويل
يا رحمة في جميع الخلق أرسله…إلى البرايا فتعجيل وتأجيل
يا ملجأ الكل يا من غيث راحته…بالبر يهمى وبالإحسان موصول
قد كان آدم في الصلصال منجدلا…وأنت للأنباي بدء وتكميل
انظر إلى بعين ملؤها كرم…فإن قلبي بنار الحب مشغول
وامن الخوف وامنح ما أؤمله…فحبذا منك تأمين وتأميل
وامد ديمينك نحوى عل يدركني…لطف الإله وأن ينفك معقول
فاسقم أتعبنى والدهر حاربني…والجسم من غير الأيام منحول
وليس لي في سوى المختار من أمل…فإن أمرى إليه الدهر موكول
يا موئلا لجميع الناس إذ فزعوا…ومن تشد لعلياه المراسيل
قلبي إلى الحج مشتاق وذو شجن…وبالزيارة مشغوف ومشغول
أرى الأحبة فدوفوا بما وعدوا…لكن وعدى بنيل القصد ممطول
متى المطى أو الوابور يحملني…والميل والكيل يطوى بعده الكيلو
متى أراني بقرب القبر في ملأ…من الحجيج ولى بالقبر توسيل
وألثم الترب من أعتاب حجرته…ويشبع الوجه تقليب وتقبيل
وأسكب الدمع في أرجاء روضته…والقلب بالذكر والتبتل متبول
وللجبين بها في حال سجدته…فخر وشكر وتعفير وتطويل
قصدى بها رشف كأس راق مشربها…عذب فرات بروح الفضل مشمول
من كف خير الورى أرجو تناولها…فيها الشفا ومزاج العلم محلول
متى تصافح كفى باب حجرته…والطرف ساج من الأنوار مسدول
غذن أقول وقلبى باللقا فرح…والصدر منشرح بالنور مصقول
أتيت والشوق يطويني وينشرني…أرجو القبول فقل لي أنت مقبول
وانظر لأهلى وأولادي وذي رحمى…وإخوتي وأبى إذ أنت مأمول
والصحب والصهر والأشياخ قاطبة…مع المريدين جيلا بعده جيل
واحضر إذا حضر المحتوم من أجلى…وقت احتضارى وأمضى الأمر عزريل
إذا أموت على خير ويدركني…من المهيمن تكريم وتبجيل
يا خير من للغنى ترجى مكارمه…ومن نداه لكل الناس مبذول
على جنابك بعد الله متكلى…إنى إليك مدى عمرى لموكول
وإن جودك مرجو لسائله…وأنت للجود باب منه مدخول
بك الوصول إلى الدنيا وضرتها…وهل يرجى بغير الباب توصيل
فلا تخيب رجائي منك في أمل…غذ بيت عزك بالخيرات مأهول
ضيعت عمرى في لهو وفي لعب…والجسم في ريقة الأيام مكبول
نفسي إلى اللهو والعصيان جامحة…وما لها في اقتناء الخير تحصيل
أمسى وأصبح في زهو وفي فرح…والقلب في غفلة والفكر مشغول
وليس لي عمل للخير مدخر…أو فعل خير به للنفس تأميل
يا نفس حتى متى التسويف أخجلني…ألم يكن لك في الإقلاع تسويل
متى المتاب وفودي شاب مفرقه…والعمر ولى ولى قد حان ترحيل
وثوب جسمي بالعصيان في دنس…وثوب غيري من الآثام مغسول
يا رب عفوا عن الجاني وزلته…فأنت وحدك بالغفران مسئول
حملت نفسي ذنوبا لست أحصرها…لكن قلبي على التوحيد مجبول
وحب خير الورى عندى وشيعته…حب قوي وهذا القدر مقبول
من لي بأن رسول الله يشفع لي…يوم الحساب وفكر الكل مذهول
إذ ليس يجدى به مال ولا ولد…وما على نسب في الحشر تعويل
إن لم يكن في أمورى آخذا بيدى…دنيا وأخرى والإ ضاع مأمول
لكن لي منك ميثاقا بتسميتي…بأحمد وهو بالأحسان مشمول
فأحمد الحملاوي فيك ذو أمل…له على كرم المختار تطفيل
الحب أنطقه بالمدح مقتبسا…أنوار وصفك كي تحلو التفاعيل
مالى سوى مدحك المحبوب مدخر…وللدح يبذل إما قل محصول
لعل مدحى وحسن الظن ينفعني…في شدتي يوم لا تغنى المثاقيل
تابعت كعبا ولم أقصد معارضة…أنى يكون لمثلى ذلك القيل
وإن علا كعب كعب يوم بردته…فبردتي منه في الدارين تنويل
إن لم أنل حسن حظي في متابعتي…بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
عليك صلى إله العرش ما سجعت…في الدوح ورق لها في السجع تهديل
والآل والصحب والأحباب قاطبة…والحمد لله بدء ثم تكميل