X

جامع فضل الله البصروي المساجد العثمانية دمشق

المنتدى العام

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • مرجان الأطرش
    Thread Author
    مشرف المنتديات العامة
    • Sep 2018 
    • 513 
    • 190 
    • 228 


    جامع فضل الله البصروي
    يقع جامع فضل الله البصروي خارج أسوار مدينة دمشق القديمة غرب ساحة المرجة في شارع الجمهورية ، مقابلاً لمبنى وزارة الداخلية السورية اليوم
    الخريطة من إعداد و تنفيذ السيدة نور الطرزي / خاصة بمنتدى ياسمين الشام

    لم يتوفر لدينا أي معلومات عن الباني أو واقف هذا الجامع أو حتى معرفة : فضل الله البصروي نفسه ... سواء بالمصادر التاريخية ؟؟ .... أو من خلال تاريخ دمشق ؟؟ .... .
    سوى اللوحة الرخامية المثبتة عند باب الجامع أنه شـيد عام 1240 للهجرة الموافق 1824 للميلاد أيام الوالي العثماني ـ بيلاني مصطفى باشا ـ في عهد السلطان العثماني محمود الثاني .

    وقد ذكر الدكتور أسعد طلس عند إحصائه لمساجد دمشق عام 1942م ضمن تحقيقه لكتاب ثمار المقاصد في ذكر المساجد ليوسف بن عبد الهادي أن جامع فضل الله البصروي المصنف تحت رقم 228 بالمرجة على ضفة بردى ، كان جامعاً قديماَ ، تهدم فجددته دائرة الأوقاف ، وبنت تحته ثلاث مخازن وقفية له ، ومن فوقها جبهة حجرية فيها شباكان ضخمان يدخل إلى المسجد ببهو طويل ، يؤدي إلى صحن واسع مفروش بالموزاييك ، فيه عشرون درجة ، يصعد بها إلى القبلية القائمة على عمودين ضخمين من الحجر الأصفر ، وبجانبهما عمودان أصغر منهما ، وفيها محراب حجري جميل الصنعة و منبر من خشب الجوز . انتهى.

    وبناء على كلام الدكتور طلس فقد ذكر الدكتور الشهابي رحمه الله في مآذن دمشق أن الجامع تهدم فعلا حوالي مطلع القرن العشرين ، وعليه .. سارعت دائرة أوقاف الشام بإعادة بنائه ولكن على طراز مغاير للبناء الأصلي بعض الشيء ، وقد شارك في أعمال الرسم المعماري لهذا البناء الرسام والمعمار المرحوم توفيق طارق ، وكان مهندساً معمارياً و رائداً للحركة التشكيلية بدمشق .
    أقول هنا ضمن أبحاث مساجد دمشق دراسة تاريخية مفصلة بمنتدى ياسمين الشام : أنه من المستحيل بناء جامع في هذه المنطقة الحساسة في قلب دمشق الشام ... متاخماً لساحة المرجة ...و مقابلا لمبنى السرايا ( أي دار الحكومة المحلية العثمانية ) و بالعصر العثماني القريب و ليس بالبعيد كما هو الحال بالعصر المملوكي أو الأيوبي و يغيب عنا : اسم باني أو واقف هذا الجامع . ؟؟ أليس كذلك ..؟ !
    ولطالما أنه لم ترد أي معلومات عن الباني أو الواقف أو حتى معرفة فضل الله البصروي نفسه سواء بالمصادر التاريخية السابقة المتخصصة في تاريخ المساجد ؟؟ .... أو من خلال تاريخ دمشق ؟؟ .....أو عن تاريخ المشيدات التي نهضت في ساحة المرجة بعد بناء جامع يلبغا المملوكي ... فإنني أضيف هنا ما وجدته في خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر لمحمد أمين بن محمد المحبي في سياق حديثه عن علماء و أعيان القرن الحادي عشر ... فورد اسم : فضل الله البوسنوي ... نزيل دمشق الإمام الفنن الأستاذ الشهير ، كان أحد أعيان العلماء معرفة واتقانا وحفظا وضبطا للفقه ، وتفهما في علله مميز الصحيح الأقوال من سقيمها ، مستحضر الكثير من الفروع على تشعبها .
    وكان فضل الله بن عيسى البوسنوي الحنفي عارفاً بالأصلين والحديث ، وفنون الأدب حق المعرفة نظاراً كثير الاشتغال ، حسن العقيدة في الصلحاء ، قرأ في بلدته البوسنة الكثير وحصل العلم ، ثم ولى الإفتاء ببلدة بلغراد ، وتعين بها كل التعين ، ثم خرج منها بنية الحج ودخل دمشق في سنة عشرين وألف ، وحج من طريقها في تلك السنة . سنة 1020 هجرية يوافقه 1612 للميلاد .
    ولما رجع إلى دمشق توطنها .... واقتنى داراً داخل باب الجابية بمحلة سيدي الشيخ عمود ، ودرس أولا بالمدرسة الأمينية ، ثم أخذ المدرسة التقوية عن الشهاب العيثاوي في شهر رمضان سنة إحدى وعشرين وألف ، ووجهت إليه الحجرة التي في المشهد الشرقي المعروف بمشهد المحيا بالجامع الأموي الكبير ، واتخذها محلاً لدروسه الخاصة ، وقرأ عليه غالب أعيان الفضلاء في العلوم العقلية والنقلية ، وكان يقررها أحسن تقرير ، وكان إليه الغاية في القراءة والتفهيم

    وأفتى مدة طويلة بدمشق وكانت فتاويه مرغوبة مقبولة ، وأخذ طريق الخلوتية عن الشيخ العارف بالله تعالى الشيخ أحمد العسالي الخلوتي المقدم ذكره ، وصار خليفة ، وكان يلازم حلقه ميعاده ويدخل معه الخلوة ، وبنى مسجداً بمحلة الحسودية خارج دمشق بالقرب من جامع يلبغا ... ورتب فيه مبرات ووقف عليه حوانيت بسوق الرصيف ، قرب المدرسة الأمينية بحذاء الأموي احتكرها من وقف المدرسة المذكورة وكان على ما مكن له من الطول الطائل والتوسع في الدنيا ممسكاً جداً ، خبيراً بأمر المعاش ، وحكى عنه إنه كان يقول : ينبغي أن يكون حطب البيت قطعا كباراً لئلا يحصل إسراف في وقدها .
    وكان مغرماً بمعاملة الفلاحين واتفق له إنه ادعى عليه لدى قاضي القضاة المولى عبد الله بن محمود العباسي المقدم ذكره بمبلغ أخذه زائد فأهانه قاضي القضاة إهانة بليغة ، ولم يكن عهد له إنه أهين مدة عمره ، فإنه كان موقراً محترماً عند كبار الوزراء والأعيان .
    وبالجملة فإنه كان من صدور العلماء وكانت ولادته ببوسنة سراى في صفر سنة تسع وستين وتسعمائة وتوفي في نهار الخميس ثاني عشري صفر سنة تسع وثلاثين وألف / 1039 للهجرة ودفن بمقبرة باب الصغير بالقرب من حضرة بلال الحبشي رضى الله عنه . هذا ما ذكره محمد أمين بن محمد المحبي حرفيا... في خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر .
    من جهة أخرى وجدت في منادمة الأطلال و مسامرة الخيال للشيخ المرحوم عبد القادر بن بدران طيب الله ثراه في سياق ذكره لمساجد دمشق الباب الثاني عشر / فيما اشتهر من الجوامع : مسجد الحسودية : هو بمحلة الحسودية على ضفة بردى خارج دمشق بالقرب من جامع يلبغا ، بناه فضل الله بن عيسى البوسنوي الحنفي نزيل دمشق . انتهى بدران .
    ضفة بردى في ثلاثينات القرن العشرين حيث يرتفع في مقدمة الصورة مبنى ( آل غازي ) وتشغل طابقه العلوي اليوم دائرة آثار ريف دمشق ، ثم جامع فضل الله البصروي ( البوسنوي ) ، راجع موضوع حديث الذكريات بمنتدى ياسمين الشام ضفاف نهر بردى .
    أقول : لعل فضل الله بن عيسى البوسنوي الحنفي نزيل دمشق هو نفسه باني و واقف هذا الجامع موضوع بحثنا ، و تحول اسم هذا الجامع من اسم فضل الله البوسنوي أو البصنوي الى اسم جامع فضل الله البصروي ؟؟ !! هذا ، والله أعلم .
    في عام 1990 للميلاد تم تجدد الجامع و المئذنة بشكل فني و أنيق و رائع و متناظر ، فقواعد و أساسات الجبهة الحجرية المطلة على ضفة نهر بردى ( أو شارع الجمهورية اليوم ) مبنية من الحجارة فيها ثلاث أقواس ، إثنان منها مفتوحة و يتوسطها شبكان بكل شباك عمود كوراني ، يطلان على الشارع و بالمنتصف شباك أصم به عمود كوراني و تم تتويجه بالآية القرآنية ما نصها :
    قال الله تعالى
    إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً
    (103) سورة النساء
    جامع فضل الله البصروي

    أما المئذنة القديمة للجامع قبل التجديد لم تكن على الشكل الذي هي عليه اليوم ، بل كانت بسيطة قليلة الارتفاع ، وحيدة الشرفة ، خالية من العناصر الزخرفية كما تؤكده الصورة المرافقة .
    صورة منقولة من كتاب مآذن دمشق / د. قتيبة الشهابي بعد التكبير العالي لجزء من بطاقة بريدية صادرة بنهاية القرن التاسع عشر ، و تبدو فيها المئذنة كما كانت عليه قبل تهدما
    المئذنة الحالية بشكلها الحالي هو استمرار لشكل المئذنة التي أقامتها دائرة أوقاف الشام في بدايات القرن العشرين ، وهي تتألف من جذع مثمن قصير يضيق قطره صعوداً و يحمل شرفتين مثمنتين أيضا ، تستر السفلية منهما مظلة على غرار الجذع ، ويحيطها درابزين ذهبي اللون من الخشب المفرغ بزخارف غنية طُليت باللون البني كما هي المظلة و المقرصنات المتدلية من أسفل الشرفة .

    أما الشرفة العلوية ، فأضيق قطراً و لا تسترها مظلة ، ورغم ذلك فقد أحيطت بدرابزين أبسط زخرفة من الدرابزين السفلي ، وينتهي رأس المئذنة بقلنسوة مخروطية مثمنة و مطلية باللون الذهبي . و بمجموعة هذه العناصر و التفاصيل نستطيع أن نصنف هذه المئذنة ضمن الطراز الشامي بتأثير عثماني .


    إعداد : محمد عماد الأرمشي
    باحث تاريخي بالدراسات العربية والإسلامية لمدينة دمشق

    المراجع :
    ـ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر / محمد أمين بن محمد المحبي
    ـ منادمة الأطلال و مسامرة الخيال / الشيخ عبد القادر بن بدران
    ـ ذيل ثمار المقاصد في ذكر المساجد / د. محمد أسعد طلس
    ـ مآذن دمشق تاريخ و طراز / د. قتيبة الشهابي

Working...
X