X

المدرسة الركنية المدارس الأيوبية في دمشق

المنتدى العام

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • مرجان الأطرش
    Thread Author
    مشرف المنتديات العامة
    • Sep 2018 
    • 513 
    • 190 
    • 228 



    المدارس الأيوبية في دمشق
    المدرسة الركنية
    ( مدرسة الأمير ركن الدين منكورس الحنفي الفكلي )
    للباحث عماد الأرمشي


    المدرسة الركنية



    تقع المدرسة الركنية خارج أسوار مدينة دمشق القديمة في نهاية شارع ابن طولون الصالحي الواصل من ساحة حطين ( الميسات ) إلى ساحة شمدين آغا ، و تهيمن هذه المدرسة على الساحة بأكملها في محلة ركن الدين بسفح جبل قاسيون الشرقي بالصالحية .



    قال الحافظ ابن كثير في تاريخه أن منشئها ( الأمير الكبير ركن الدين منكورس الحنفي الفكلي ) عام 621 للهجرة الموافق 1224 للميلاد ، غلام وعتيق الأمير الكبير فلك الدين سليمان العادلي ، شقيق الملك العادل لأمه .. والذي اعتقه الأمير فلك الدين .. لعلمه وصلاحه بالدين و الدنيا .
    وتكامل بنائها عام 625 للهجرة الموافق 1227 للميلاد ، وجعلها للمذهب الحنفي ، وأوقف عليها أوقافا كثيرة ، وعمل عندها تربة .
    وحين توفي بقرية ( جيرود ) شمال دمشق حُمل إليها رحمه الله تعالى و دفن داخل مدرسته عام 631 للهجرة ما يوافقه 1233 للميلاد . وما يزال ضريحه موجود داخل تربته بالمدرسة الى يومنا هذا .



    قال الأسدي في تاريخه في سنة خمس وعشرين وستمائة : وفيها أنجزت مدرسة ركن الدين الفلكي بالسفح ودرس بها ملك شاه أبو المظفر وجيه الدين القاري ، وكان رجلاً فاضلاً بارعاً متعبداً مشهوراً بالدين والعلم إلى أن انتقل عنها ، فوليها بعده تاج الدين محمد بن وثاب بن رافع البجلي إلى أن انتقل عنها إلى المدرسة بالقصاعين ، فوليها بعده صدر الدين بن عقبة إلى أن انتقل عنها إلى حلب المحروسة ، فوليها بعده ولده محيي الدين أحمد إلى حين عود والده من حلب ، ثم أخذها من ولده واستمر بها إلى الآن انتهى ( أي في العصر المملوكي ) .


    مئذنة المدرسة الركنية القديمة ـ الصورة بعدسة الدكتور محمد نصير جمعة من الغرب إلى الشرق .
    وقد وصف لنا المؤرخ الدمشقي بن طولون في كتابه القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية مئذنة المدرسة فقال : (( مئذنة الركنية من الآجر بطبقة واحدة )) .
    وعَقَبَ الدكتور قتيبة الشهابي في كتابه ( مآذن دمشق تاريخ و طراز ) على ذلك بقوله أن هذا يعني استمرارها في العصر المملوكي المتأخر و العثماني المبكر .
    غير أننا لا نستطيع التكهن بالشكل الذي كانت عليه في تلك الفترة سوى أنها قد تشبه مآذن العهد الأيوبي التي لا زالت قائمة في الصالحية الى اليوم .
    ولم تردنا أي معلومات أو شرح أو ذكر حول هذه المئذنة طيلة العهد العثماني الى أن ورد ذكرها في أواخره حين وصف المستشرقان الألمانيان / كارل ولتسينجر و كارل واتسينجر في كتابهما الآثار الإسلامية في مدينه دمشق حين قالا : مئذنة المدرسة الركنية صغيرة و لكنها حديثة العهد .
    بمقارنة مقولتي ابن طولون و كارل ولتسينجر ... نستنتج أن هذه المئذنة التي يتحدث عنها المستشرقان هي مئذنة مجددة في أواخر العصر العثماني ، أو أنها مبنية من جديد بدليل قولهما ( حديثة العهد ) و الغريب في الأمر أن كل المصادر التي تم مراجعتها أغفلت ذكرها خصوصاً عند الإشارة الى المآذن التي تضررت أثر زلزال دمشق الشهير سنة 1173 للهجرة الموافق 1759 .


    قبتا المدرسة الركنية و إنشاء مئذنة جديدة حديثة بدلاً عن المئذنة القديمة
    أما المئذنة الحالية للمدرسة : فهي مئذنة معاصرة و تعود حقبة بنائها الى تسعينات القرن العشرين .


    إستكمال بناء مئذنة المدرسة الركنية


    المئذنة بعد الإنشاء

    وهي مئذنة حديثة ، شاهقة الارتفاع ، ذات جذع مثمن و كذلك شرفتها ، ودرابزينها ، ومظلتها ، أما جوسقها فمثمن في قسمه السفلي ، واسطواني في العلوي ، يحمل فوقه ذروة يفترض أن تكون بصلية ، ولكن حجم كتلتها الضخمة المحززة ، لا تتناسب مطلقاً مع جسم المئذنة ولا ارتفاعها ، ولا ينسجم أصلا مع تشكيلها المعماري ؟؟
    ( هذا من وجهة نظري )


    وكأنه ينقصها الذوق المعماري في التصميم . وكنت أتمنى لو أنها بُنيت على غرار المآذن الأيوبية .. أو حتى على الطراز الأيوبي لكانت أقرب واقعياً الى جذور المدرسة الأيوبية ذات التاريخ و المنشأ .



    قال الشيخ بن كنان الصالحي في كتابه المروج السندسية الفيحية بتاريخ الصالحية أن هذا الجامع كان بخطبة ، و بطلت بعد عام الألف هجرية ، وآخر من خطب به الشيخ عبد الهادي بن المعالي المتوفى سنة 1048 هجرية . وقد أعيدت الخطبة اليه الآن ، وهو من أعمر مساجد الصالحية .


    فسحة الواجهة الشمالية للمدرسة الركنية ، و يظهر فيها القبة العظيمة

    فيما ذكر الشيخ عبد القادر بن بدران في منادمة الأطلال ببدايات القرن العشرين : أنها بمحلة الأكراد قبلي الطريق ينزل الداخل إليها على درج ، فيرى ساحة متوسطة في الانفساح .
    وبالجانب الشرقي قبة عظيمة ، وبالجانب الغربي جامع وقبة أخرى .. وكلاهما مبني بالحجارة الضخمة بناءً متقناً هائلاً .
    وهي عامرة إلى الآن لم يغير الزمان شيئا من رونقها .. إلا أن يكون بعض المختلسين أخذ قطعة من جانبها الغربي ... فاختلسها ... وهي الآن برسم جامع للصلوات الخمس . قال النعيمي أوقف بانيها عليها أوقافا كثيرة وكان من شرط مدرسها أن يسكن بها.


    فسحة الواجهة الشمالية للمدرسة الركنية ، و يظهر فيها بوابة المدرسة الجميلة



    أقول هنا ضمن أبحاث المدارس القديمة في دمشق دراسة تاريخية تحليلية مفصلة : أنه أثناء تفحصي للقباب الجميلة ، والكبيرة الحجم بالنسبة إلى القباب التي أنشأت في العصر الأيوبي .. وجدت أن قبة التربة ( القبة الشرقية ) عبارة عن قبة محززة تستند الى رقبة مضلعة بطبقتين .


    الطبقة العلوية ذات 16 ضلع ، تزينها بالتناوب ثمان نوافذ على شكل قوس ، وبها ثمانية محاريب على شكل صدفة ذات تسعة أقسام . والطبقة السفلى تتكون من ثمانية أضلاع ، بكل ضلع نوافذ مزدوجة تتناوب بين المفتوحة والصماء ومزينة بقمريات في منتصف خط عرض القبة لتزويد غرفة الضريح بالإنارة .


    رسم توضيحي لشكل قبة التربة المدرسة الركنية من الخارج و الداخل للمهندس : ارنست هرتسفلد


    والقبة الثانية ( القبة الغربية ) تم إعادة تشييدها مرة أخرى حديثاً ، وهي كبيرة الحجم طبعاً بالنسبة إلى القباب التي أنشأت في العصر الأيوبي ، وتم تحزيزها كما هي القبة الشرقية في حين أن القبة القديمة كانت ملساء .
    وهي مؤلفة من طبقة واحدة و تتكون من ثمانية أضلاع ، بكل ضلع نوافذ مزدوجة تتناوب بين المفتوحة والصماء . ومزينة بقمريات في أعلى منتصف خط عرض القبة لتزويد قاعة الدرس بالإنارة .



    تنويه :
    حين زار الباحثان ( كارل ولتسينجر و كارل واتسينجر ) التربة الركنية في العقد الثاني من القرن العشرين لم تكن قبة قاعدة الدرس موجودة . و ذكرنا أنهما يتخيلان شكل القبة الضخم الزائل حالياً على غرار شكل قبة التربة .

    ولقد حل مكان القبة في الوقت الحاضر أي ( في العقد الثاني من القرن العشرين ) سقف من الخشب ، و نظراً لسعة الصحن و إتساعه ، كان لا بد من وجود قوس بازلتي لحمل السقف المستوى آنف الذكر ، بيد أن بشاعة ذلك القوس قد قضت على تأثير الحجم الفراغي قضاءً مبرماً .


    وبمقارنة مقولتي ( عبد القادر بن بدران و بين وكارل ولتسينجر ) نستدل أن قبة المدرسة كانت موجودة في زمان ( بن بدران سنة 1912 للميلاد ) بدليل قوله : ينزل الداخل إليها على درج ، فيرى ساحة متوسطة في الانفساح ، وبالجانب الشرقي قبة عظيمة أي ( قبة التربة ) ، وبالجانب الغربي جامع وقبة أخرى أي ( قبة الجامع و المدرسة ) .. وكلاهما مبني بالحجارة الضخمة بناءً متقناً هائلاً .
    و أستطيع الاستنتاج من كلا المقولتين : أن قبة الجامع سقطت ما بين عامي 1912 وبين 1926 ، و بقيت كذلك إلا أن أعيد بنائها في نهايات القرن العشرين .



    يعلو باب التربة الركنية الواقع في القسم الشمالي : كتابة تتضمن أوقفها فضلاً عن تاريخ سنة 620 هجرية ، كما ذكر الباحثان الألمانيان في مجلد الآثار الإسلامية بمدينه دمشق . وذكرا أن نافذة التربة يعلوها ستة اسطر من الكتابة النسخية المنقوشة نقشاً غائراً في الحجر ، و يحيط بها مربعان من الخط الكوفي المربع الجميل .
    ولكنهما لم يتطرقا الى ما ورد في الأسطر الستة وما حوته من أوقاف المدرسة في نص هذه الأوقاف ؟؟ .



    ولقد لجأت الى كتاب الآثار التاريخية في دمشق للباحث التاريخي ( جان سوفاجيه ؛ عربه وعلق عليه د. أكرم حسن العلبي ) للحصول على النص كما ورد في النقوش المحفورة على الأحجار فوق النوافذ الصغيرة ما نصه :

    بسم الله الرحمن الرحيم هذه القبة وقفها العبد الفقير الى رحمة ربه الغازي المجاهد ركن الدين منكورس الفلكي العادلي المعظمي برسم دفنه بها وقد وقف على مصالحها وزيت وشمع وحصر وجاكمية قيم و مقرئين ، ما يلي ذكره وجميع الدار التي داخل باب الفراديس من قبلي المدرسة الفلكية تعرف قديماً بدار قطلوتمر و السدس من حانوتين بالخواصين و جميع الجنينة التي ... ثلثي ... التسع دور المجاورة للجنينة من غربها ، والسدس من جميع البستان الذي هو في أراضي النيرب ، يعرف بالوقف ، و السدس من البستان و الجوسق و الطاحون التي بين أراضي النيرب ، يعرف بالقاضي البهجة ، كل ذلك على ما نص و شرح في كتاب الواقف ، لا يحل لأحد يؤمن بالله العظيم تغيير ذلك ولا تبديله ، فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم و ذلك في سنة إحدى و عشرين و ستمائة .

    ولا أحد يدري اين هي هذه الأوقاف ؟؟؟؟
    وفي نص آخر فيه بعض المغايرة عن النص السابق للمشتسرق : Waddington / Van Berchem كما ورد في النقوش الكتابية للشهابي ورد فيها :

    ( بسملة ، هذه القبة وقفها العبد الفقير الى رحمة ربه الغازي المجاهد ركن الدين منكورس الملكي العادلي المعظمي برسم دفنه فيها ، وقد وقف على مصالحها وزيت وشمع وحصر وجاكمية قيم و مقرئين ، ما يأتي ذكره جميع الدار التي داخل باب الفراديس ، من قبلي المدرسة الفلكية تعرف قديماً بدار قطلوتمر ، والسدس من حانوتين بالخواصين و جميع الجنينة التي ... ثلثين ... التسع دور المجاورة للجنينة من غربها ، والسدس من جميع البستان بين أراضي النيرب يُعرف بالواقف و السدس من البستان و الجوسق و الطاحون التي بين أراضي النيرب ، يعرف بالقاضي البهجة ، كل ذلك على ما نص و شرح في كتاب الواقف ، لا يحل لأحد يؤمن بالله العظيم تغيير ذلك ولا تبديله ، و ذلك في سنة إحدى و عشرين و ستمائة .


    يحيط بأسطر الكتابة النسخية المنقوشة نقشاً غائراً في الحجر .. يحيط بها مربعان من الخط الكوفي المربع الجميل جداً .



    وهو مؤلف من كلمات متكررة ، و يوجد الى جانب كل من هذين المربعين نقش لزخرفة مؤلفة من خطوط منكسرة خلافاً للخط الكوفي المملوكي المتأخر ، ويعتبر الكوفي في واجهة المدرسة الركنية من النوع الذي تكون فيه زوايا حروفه قائمة .



    الدكتور أسعد طلس اختلف مع من سبقه من المؤرخين حين ذكرها على أنها مسجد .. وليست مدرسة .. عند زاوية الشارع ، وأطلق عليها اسم جامع الركنية ... عند إحصائه لمساجد دمشق ضمن تحقيقه لذيل كتاب ثمار المقاصد في ذكر المساجد ليوسف بن عبد الهادي فقال :
    جامع الركنية تحت رقم ـ 115 ـ بالصالحية حي الأكراد ، و قال أنها ما تزال باقية الى أيامنا هذه ( أي في سنة 1942 للميلاد ) وتزدهي بجمال جبهتها البديعة ذات الزخارف الهندسية و الكتابات الكوفية الرائعة .


    فوق باب المدرسة الركنية كتابة كوفية من آيات الله بقلم بديع ما نصه :

    بسم الله الرحمن الرحيم
    قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ
    سورة الإخلاص




    حشوة كتابية منقوشة بسورة الإخلاص ( قل هو الله أحد ) بالخط الكوفي و فوقها حشوة قرصية مستديرة منقوشة بالزخالاف و الكتابات في واجهة تربة المدرسة الركنية البرانية



    وفوق الحشوة الكتابية يوجد قرص على هيئة الشمس أو على شكل زهرة مزخرفة بالنقوش و الزخارف المنمنمة الصغيرة وآيات من كتاب الله العزيز من سورة الحجر من الآية 45 ولغاية الآية 48 .
    إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي / جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ / ادْخُلُوهَا / بِسلامٍ آَمِنِينَ / وَنَزَعْنَا مَا فِي / صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ / إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ / مُتَقَابِلِينَ .



    كما يوجد فوق نافذة تربة ضريح الأمير ركن الدين منكورس الفكلي مربع من الخط الكوفي الجميل جداً ، مؤلفة من خيوط منكسرة خلافاً للخط الكوفي المملوكي المتأخر وقد كتب عليها :
    لا إله إلا الله ، محمد رسول الله .



    ويكتنف هذا المربع من جهة اليمين و اليسار آيات من كتاب الله العزيز من سورة التوبة ( 32 ) فجاء على الجهة اليمنى :
    هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ
    وجاء على الجهة اليسرى آيات من كتاب الله العزيز من سورة الفتح ( 28 ) :

    مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ( من ضمن المربع الكوفي )
    وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا .

    وهذا التداخل في الكتابة يدلل على إبداعات الفكر ورقي الإبداع الفكري في كيفية تشابك الخطوط العربية في المعنى .



    أعلمنا الدكتور محمد أسعد طلس إبان تدوينه لذيل كتاب ثمار المقاصد في ذكر المساجد ليوسف بن عبد الهادي في بداية أربعينات القرن العشرين أنه حين تدخل من باب المدرسة يوجد قبة عظيمة ، ولكنها سقطت .. ، فأقيم موضعها سقف قد شوهها ، و هذا دليل أخر على أن القبة قد سقطت ما بين عامي 1912 وبين 1926 ، كما أسلفنا سابقاً و بقيت كذلك حتى نهايات القرن العشرين حين بوشر إعادة بناء القبة من جديد على غرار شكل قبة التربة .


    الواجهات الخارجية :
    تعتبر الواجهة الشمالية المطلة على الشارع : هي الواجهة الرئيسية للمدرسة ، و تخترقها النوافذ و أيوان المدخل و حجارتها منحوتة .


    نلاحظ أن الأجزاء العلوية لزوايا الواجهات الجنوبية و الغربية و الشرقية للجامع مشيدة بحجارة غشيمة ، لكنها نظيفة .



    الذي أزعجني أن الكهربائي ( الحاذق والذكي جداً ) لم يحلُ له تركيب مكبر الصوت إلا فوق النقوش الكتابية ... و كأنه لا يوجد مكان لتركيبه إلا فوق الآثار التاريخية للمدرسة رغم اتساع طولها والذي يتعدى 15 متراً ، مما أساء إلى شكل النقوش الكوفية .


    يوجد إلى جانب القبة الأيمن قنطرتان تقومان على عمودين ضخمين ، وتحت القبة بركة مربعة . و يتحد الجامع ذو الصحن و حرم بيت الصلاة المغطى بقبة مع التربة ، و يشكلان معاً منشأة واحدة ، ولكن ارتباطهما مع بعض لا يقوم على أساس محوري .


    و يبدو في المخطط المرفق كيف أن جدار القبة يتعارض مع مسار الشارع ، و هذا هو سبب الانكسار الموجود بين المدخل و النافذة الأولى في الجدار الشمالي ، كما أدى ذلك إلى زيادة في سماكة الجدار نفسه في جهة الغرب ، و انحراف إيوان المدخل عن محور الجامع الذي يبدأ في منتصف الإيوان و ليس في منتصف الباب كما هو واضح في هذا الرسم .


    يرتفع مستوى أروقة الصحن عن مستوى دهليز المدخل بمقدار عشرة سنتميترات ، كما أنه أعلى من مستوى الصحن بمقدار 26 سم . أما الصحن نفسه فإنه مغطى بقبة.
    إن كلا العمودين القائمين في الرواق مصنوعين من حجر الغرانيت ، و يحتمل أن يكونا من أصل سابق للإسلام ، في حين أن العمود الغربي وحده مزود بطوق ووسادة نجد أن القاعدة تختفي في كليهما و يغوص العمودان في بلاط الأرضية حتى مسافة 5 ـ 7 سم


    إن اقتراب الساقين من عمود الأروقة الحاملة لقبة الصحن ، يجعل القوس المدبب شبيه بحدوة الحصان ، و يجري الانتقال من المربع إلى المثمن عبر حنايا ركنية ترتكز الكتل البارزة جداً لتلك الحنايا على محاريب معترضة .


    يمكن أن يلج المرء إلى المصلى أو الحرم من مدخل عريض يقع في المحور ، أو من المدخل الموجود في آخر الرواق الغربي .
    ولكن المدخل قد تم تضيقه حديثاً ، تتسطح القبوة السريرية المدببة قليلاً في نهايتها ، و يخترق وسطها قبوة مدببة أخرى ( متقاطعة معها ) . و يبلغ طول المصلى ( 12.24 ) متراً و يبلغ عرضه ( 4.43 ) متراً .


    يحف بجوانب البركة الأربعة عند منتصفها شريط معترض من الأروقة الداكنة ، و يوجد في الزاوية الشمالية الغربية للرواق بئر ماء ، إلى جانب درج يؤدي إلى المئذنة الحديثة العهد .


    الدرج الظاهر في صدر الصورة يفضي إلى درج المئذنة الحديثة العهد .


    هذا وفي الجهة الجنوبية من القبة باب ضخم يؤدي الى القبلية و فيها محراب من جص عادي و قبر حديث و شباكان يطلان على دمشق . و تحت القنطرة اليسرى باب يؤدي الى قبة تحتها ضريح عال هو ضريح الأمير ركن الدين منقورس . ( طيب الله ثراه ) .


    التربة :
    تحتوي التربة على أربعة عقود تحمل القبة الموجودة الى اليوم ، وهي ذات أقواس واسعة مدببة قليلاً ، وذلك لتخفيف من ثقل الجدار ، كما هو الحال بالنسبة الى الصحن .
    وتتراجع القبة خلف طنف الرقبة العليا وهي نصف دائرية و لكنها مدببة الرأس قليلاً ، كما أنها محززة بأضلاع كثمرة ( البطيخة ) كذلك يتطابق وجهها الخارجي مع وجهها الداخلي . أما الطلاء الجصي للقبة فإنه جديد .


    يجري الانتقال إلى القبة عبر حنايا ركنية في الرقبة التي يتخللها محاريب مسطحة مدببة القوس تضم بداخلها نوافذ مزدوجة ، و يعلو هذه الرقبة ، رقبة أخرى مؤلفة من 16 ضلعاً ، تتناوب في أضلاعها نافذة صغيرة مع محراب مسطح .
    و علق الدكتور عبد القادر الرايحاوي على ذاك فقال : هذه المحاريب المسطحة هنا تعلوها محارات . وليست كالمحاريب المسطحة في الطبقة السفلى من الرقبة ذات الثمانية أضلاع . ( انتهى الريحاوي )
    و تلتقي أضلاع القبة مع الزوايا الست عشر للرقبة نفسها .


    لقد بنيت القبة بالحجارة المنحوتة ذات الرصف الدقيق .. كل من المدماك الأول الذي يبرز عن الرقبة سوية مع منطلق أضلاع القبة ، والرقبتين ، وجدار التربة .
    بينما بقيت سطوح الحجارة الأخرى خشنة الملمس لتسهيل إلتصاق الجص عليها ، و لقد نفذت الأطر المقلوبة و حشوات الزوايا بالجص ، و هي ذات أشكال بسيطة لكنها متنوعة .


    من الملاحظ أن أضلاع القبة لا تلتقي في نقطة الرأس ، بل تدور حول زهرة جميلة يبلغ أتساعها حوالي 15 سم . و نوه المستشرقان في العقد الثاني من القرن العشرين إلى نقطة هامة : أنه لا يزال الغموض يكتنف الغاية من وجود أنبوب فخاري في كل ضلع من أضلاع القبة المفصصة ( هل يا ترى من أجل الإنارة كما يحصل مثل ذلك في قباب الحمام ؟؟ ) أو لأسباب فنية مثل الوقاية من نشوء التصدع الناتج عن الحرارة بعد أي حريق ؟؟ .


    ولكني بدوري كباحث في شكل القبة .. لم أجد أي أثر إلى الأنبوب الفخاري الذي تحدثا عنه في كل ضلع من أضلاع القبة المفصصة ؟؟؟ و لعلهم أزالوه أثناء عمليات ترميم القبة . ؟؟ !!
    ويبدو لقبة الضريح طنف رئيسي به تقعر بسيط ، تتحلل الرقبة السفلية المشيدة بالحجارة المنحوتة محاريب و نوافذ مزدوجة ، و زودت الرقبة العلوية المشيدة أيضاً بالحجارة المنحوتة بثماني نوافذ و ثمانية محاريب صماء ذات طاسات مفصصة على هيئة الصدفة أو المحارة ، و هذه المحاريب الصغيرة موزعة بالتناوب مع النوافذ المذكورة .


    يقوم ضريح الأمير ( ركن الدين منكورس ) فوق مصطبة يبلغ ارتفاعها حوالي 20 سم .

    أما أبعاد الضريح نفسه فإنها تبلغ ( 160 ـ 285 ـ 141 ) سم زودت الزوايا الأربع للضريح بكرات حجرية ذات رقبة مُجرفة .
    التربة تحتل قسمه الشرقي وبها قبر الأمير كما أسلفنا ويبلغ طول المدرسة حوالي 15 متراً بارتفاع خمسة أمتار ، ومبنية من الحجارة الضخمة و يتوسط البناء باب المدرسة وهو على شكل محراب كبير خالي من المقرنصات ويعلو بناء المدرسة قبتين توأم ، وبترميم الضريح والمدرسة بشكل جميل وإحياء خطبة الجمعة بمسجدها .. أعطاها رونقاً و بريقاً رائعاً أعاد لها مجدها و الغاية التي بنيت من أجله .


    وقد جرت عمليات صيانة و ترميم شملت قاعدة الدرس و غرفة ضريح الأمير ركن الدين منكورس الفلكي و تم تغطية الأرضية بالموكيت الحديث .

    وقد نوه أيضاً المستشرقان الألمانيان / كارل ولتسينجر و كارل واتسينجر في كتابهما الآثار الإسلامية في مدينه دمشق : أنه من التقاليد التي كانت شائعة جدا في دمشق إبان العصر الأيوبي هي عملية دمج قبة التربة مع المصلى أي الجمع بين التربة و المسجد أو التربة و المدرسة ، وكان ذلك يتم وفق التصميم البديع المتبع في بناء المدارس و الترب حيث تلتصق التربة الركنية بالمسجد عند زاوية الشارع .



    استحوذت المدرسة الركنية على اهتمام كثير من الباحثين العرب و الأجانب في سرد تاريخها ، وفنون عمارتها ، و بناء قببها ، وتصويرها صوراً فوتوغرافية مثل الباحث التاريخي ( الدكتور تيري آلان ) و كذلك ( البروفسور مايكل غرينهلغ ) عن الجامعة الوطنية الاسترالية ، وذلك لجمال فن عمارتها ، وكذلك لأنها تمثل الهيكل المعماري الأصيل للعمائر الأيوبية الماثلة إلى اليوم في مدينة دمشق .
    وقد أسهب الباحث التاريخي ( تيري ألان ) في تقديم معلومات كافة ووافية عن هذه المدرسة ضمن أبحاثه باللغة الإنكليزية عن فن العمارة الأيوبية في سوريا / الفصل التاسع ـ العمائر الهندسية الأتابكية مع تقديم الشرح و الصور عبر هذا الرابط من أراد المزيد من المعلومات باللغة الإنكليزية .

    http://sonic.net/~tallen/palmtree/ayyarch/ch9.htm



    أما المدرسة اليوم ... أثناء زيارتي الميدانية الثانية لها ( أي في صيف 2007 ) ، فتتألف من بناء مستطيل الشكل لم يتغير عما كان عليه في زيارتي الأولى عام 2004 ويضم بين ثناياه المدرسة و التربة معاً ، إذ تحتل المدرسة القسم الغربي للبناء .

    فرحم الله الأمير الكبير ركن الدين منكورس الحنفي الفكلي ، و أجزل له الثواب والإحسان على هذه المدرسة التي كانت دار علم .. ونور ... نبراساً للعلم و للعلماء .... ونشر علم أصول الدين الحنفي ، والحديث الشريف بعد أن تزايد عدد المسلمين .. وبعد أن ضاق المسجد عن تأدية مهامه المنيطة به .. لاسيما مع تعدد فروع المعرفة وظهور التخصصات في الدراسة ... فترحموا عليه رحمه الله تعالى .
    .

    إعداد عماد الأرمشي
    باحث تاريخي بالدراسات العربية والإسلامية لمدينة دمشق

    المراجع :

    ـ الآثار الإسلامية في مدينه دمشق / تأليف كارل ولتسينجر و كارل واتسينجر،
    ـ تاريخ ابن قاضي شهبة / الشيخ تقي الدين أبي بكر بن أحمد بن قاضي شهبة الأسدي الدمشقي
    ـ النقوش الكتابية في أوابد دمشق / د. قتيبة الشهابي / د. أحمد الإيبش ، وزارة الثقافة 1997
    ـ الآثار التاريخية في دمشق / جان سوفاجيه ؛ عربه وعلق عليه د. أكرم حسن العلبي
    ـ المروج السندسية الفيحية بتاريخ الصالحية / محمد بن عيسى بن كنان الصالحي .
    ـ مشيدات دمشق ذوات الأضرحة و عناصرها الجمالية / د. قتيبة الشهابي
    ـ القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية / أحمد بن طولون الصالحي
    ـ البداية و النهاية / أبو الفداء إسماعيل ابن كثير القرشي الدمشقي
    ـ منادمة الأطلال ومسامرة الخيال / الشيخ عبد القادر بن بدران
    ـ ذيل ثمار المقاصد في ذكر المساجد / د. محمد أسعد طلس
    ـ العمارة العربية الإسلامية / د. عبد القادر ريحاوي
    ـ مآذن دمشق تاريخ و طراز / د. قتيبة الشهابي
    ـ خطط دمشق / د . صلاح الدين المنجد

    تعريب عن الألمانية قاسم طوير، تعليق الدكتور عبد القادر الريحاوي
    - Damaskus: die islamische Stadt / Carl Watzinger & Karl Wulzinger
    ـ موقع البروفسور مايكل غرينهلغ / الجامعة الوطنية الاسترالية
    Demetrius at the Australian National University Art Serve
    Professor Michael Greenhalgh
    ـ كتب شجرة النخيل / كاليفورنيا - فن العمارة الأيوبية في سوريا
    الفصل التاسع ـ العمائر الهندسية الأتابكية / الباحث تيري آلان .
    - Palm Tree Books - Occidental, California - Ayyubid Architecture - Chapter Nine. The Atabakîyah Architect - Madrasah al-Ruknîyah extra muros / Terry Allen.
    www.archnet.org/library
    http://sirismm.si.edu


Working...
X