X

رسائل الإيمان ,, إقرأ واستمع - 7

المنتدى العام

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • أنيس
    Thread Author
    VIP
    • Sep 2018 
    • 1283 
    • 585 
    • 1,001 

    عزيزى مولانا المودودى

    لقد صدمت حينما علمت بأنك لن تقوم برحلتك لإفريقيا لاعتلال بصحتك، وأنك تعانى المرض منذ شهرين.

    أتمنى أن يصل الطباء إلى العلاج الذى يريحك ويخفف عنك الألم.

    معاناتك لهذا الألم لاشك أثقل عليك لتكتب لى هذا الخطاب المفصل، والإجابة على أسئلتى لتريحنى.

    نستمع هذه الأيام بكثرة فى الراديو والتلفزيون والصحافة للـ الحث على "رفع مستوى المعيشة" و "التطور الإقتصادى" فيما يسمى "بالدول النامية",

    وفى سبيل الوصول إلى ذلك لابد من مساعدات ضخمة خارجية من الولايات المتحدة أو الإتحاد السوفيتى. , لقد أصبح الكلام رهن "التطور الإقتصادى" فى هذه البلاد المسماة "الدول النامية" هوسا.

    التطور الإقتصادى للدول النامية يترجم ليعنى التعمير والتصنيع والزراعة الميكانيكية , ولنكون عمليين فى الكلام، فالتطور الإقتصادى ببساطة يمكن أن يترجم على أنه أداة لنشر التغريب فى دول آسيا وإفريقيا , وكذلك محاربة الأمية ونشر التعليم دائما مطلوب بالتأكيد،

    ولكن فى أيامنا هذه تحت هذا السياق فهو يعنى تعليم العلمانية الحديثة على أسس غربية وضغوط تكنولوجية.

    وسائل الإسلام للوصول إلى العدالة الإجتماعية والتوزيع العادل للثروة، يتم عبر الزكاة وقوانين التوريث وقواعد الأوقاف والتحريم المطلق للفوائد على رؤوس الأموال , الحركة الوحيدة فى أيامنا هذه التى حاولت تطبيق قواعد الإسلام هى حركة "الإخوان المسلمين" المحظورة، والتى اسسها "حسن البنا" عام 1928.

    أثناء مراهقتى، كنت مبهورة بشكل كبير لبعض مؤسسات الأمم المتحدة كاليونسكو (the United Nations Educational and Cultural Organization) ، لأنى كنت دائما منفعلة - عالميا ومهتمة بتعجيل التبادل الثقافى والفهم الصحيح بين الأمم المختلفة فى العالم.

    ولكنى مؤخرا بدأت أنظر نظرة قاتمة حتى إلى اليونسكو , لقد قرأت كل مطبوعاتها ونشراتها منذ حداثتى فى سن 12 عاما، منذ عام 1946، وذلك منذ نشأتها، وبالرغم من أنه من المفترض أن يكونوا موضوعيوين وعلى قدر كبير من النزاهة، إلا أنهم كالغربيين، كانوا ضد مفهوم الحياة الإسلامية فى الحقيقة.

    فأنا أنظر إلى مؤسسات الأمم المتحدة إلى أنها تعمل على انتشار التغريب والمادية الحديثة , فأول مدير لليونسكو "السير توماس هكسلى" هو حفيد الإحيائى الإنجليزى المشهور، "توماس هكسلى" مؤلف عدة كتب عن الإلحاد والمادية.

    فى الفصل الأخير من قصتي "أحمد خليل" عن السيرة الذاتية للاجئ عربى فلسطينى، والتى نشرت فى مارس 1961 فى "الملخص الإسلامى.. بديربان"، ومنذ نشرها وأنا أتلقى تعليقات عليها من كتَّاب مسلمين يعترضون على تعاطفى مع صور من الحياة فى العصور الوسطى،

    من لبس ملابس تختص بالعصور القديمة، والأكل بالأصابع فى صحن مشترك، والنوم على الحصير على الأرض،.... الخ ,

    ويصرون على أني أسأت إساءة بليغة للقضية العربية بتصويرى لأشخاص يعيشون بهذه الطريقة المتخلفة، ما رأيك أنت فى ذلك؟؟؟.

    فى تصورى أن النخبة الحاكمة فى كل من آسٍيا وإفريقيا مهوسة بدعوى "التطور" فى بلادها، ليس فى الحقيقة لرفاهية الشعب، ولكن بالأحرى لأنهم فى خجل منهم!!!.

    إنهم يرتعشون بحدة من عقدة النقص كلما ذكرت بلادهم بأنها "متخلفة". أعتقد أن هوس جذور التصنيع ليس لأى شئ حقيقى إيجابى تكتسبه البلاد، ولكن بسبب أن المصانع العملاقة وسدود الأنهار الضخمة والمشروعات الهيدروكهربائية تزيد من سمعة وإحترام البلاد لاعتبارخا من الدول المتقدمة.

    الأمم ليست مختلفة عن الأفراد الذين يتكالبون على جمع الثروة بكل ما أوتوا من قوة للفخر بها. ويصور القرآن الكريم بجمال هذه الصورة إذ يقول "اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ"، هذه الآية القرآنية أكثر وضوحا هذه الأيام عما كانت فى عهد الرسالة. ".

    مداخلة: هذا زهد مبالغ فيه، فالإسلام لا ينهى عن عمارة الأرض وعن تنفيذ ما ينفع الناس".

    حاليا أفهم لماذا الإيمان باليوم الآخر ضرورى وجزء من الإيمان بالإسلام، وكثير من الآيات القرآنية تركز عليه. لأنه بمجرد أن يؤمن الإنسان باليوم الآخر فقيمة هذه الدنيا تضمحل أمام عينيه وتفقد أهميتها عنده.

    الإيمان باليوم الآخر يعطى للمؤمن منظورا حقيقيا للحياة بحيث يستطيع التمييز بين ما هو حقيقى وهام وما هو غير ذلك , يبدأ هو أو هى فى التطلع للأفضل، والذى يبقى له فى الآخرة وليس إلى كل ما هو مادى يفنى سريعا ولا يترك له أثرا خلفه.

    الإيمان بالحساب فى اليوم الآخر هو المحرك الخلفى لكل القيم الأخلاقية , وبدون هذا الإيمان فالقيم الأخلاقية لا معنى لها. وإذا كانت الآخرة فى حد ذاتها قيمة أخلاقية، فلا يجب أن تكون نتيجة أمنيات فكرية، كما يقول المشككون، لكن يجب أن تكون حقيقة موضوعية.

    لقد سبق أن ذكرت لك شعورى الإنعزالى من أؤلئكم الذين يشاركونا فهمنا , هنا فى نيويورك مجموعة صغيرة من المسلمين الذين أقابلهم فى المسجد أسبوعيا حينما أذهب هناك لتعلم اللغة العربية.

    أنا أذهب يوم الجمعة لجامعة كولومبيا لأقابل مجموعة من الطلبة المسلمين من بلاد مختلفة ومن ضمنها "باكستان"، حيث نتجمع لصلاة الجمعة، ثم نلتقى على عداء للمناقشة، ولكن أفكارهم تشبه آراء أبواي، وتصطدم معي فى كل شئ , هم يعتقدون بقوة بأن الإسلام لابد أن يلتقى مع الحضارة الأوروبية وقيمها ويمارسوا التعديل وفقا لذلك , حتى أن بعضهم ينتقد التعاليم الإسلامية الأساسية , والكثير منهم يشكك فى صحة الأحاديث النبوية.

    وبالرغم من أنى أبذل كل جهدى لأكون مؤدبة ولبقة معهم، لكنى لا أستطيع إقناعهم كما أنهم لا يستطيعون إقناعى , أتركهم دائما وأنا محبطة.

    مدرسي للغة العربية فى المسجد وهو مصرى من القاهرة قال لي: أن ينظر لكونه مصرى كما ينظر لكونه مسلما!!! , وأن هذا الشعور ليس صناعيا وبعيد عن التغريب، فهو يولد فى قلب الإنسان فى كل مكان.

    أريد أن أسألك ماذا أفعل فى هذا الأمر؟؟؟ , ومنذ نوفمبر 1959 لقد كتبت عدة مقالات أدافع أدافع فيها عن هذه النقطة، وقد نشرت فى كثير من المجلات باللغة الإنجليزية، ولكنى أشعر بأنها ليست كافية , وبالإضافة للكتابة سأكون ممتنة لو أرشدتنى إلى شئ عملى بهذا الخصوص قمت به أنت وتقوم به حاليا.

    مع كل دعواتى لك بالتحسن فى صحتك، أرسل لك السلام لك ولأسرتك.



    المتقدمة لك بوافر الإحترام

    مارجريت مارقس

    نيويورك فى 12 أبريل 1961




  • ميدو حسن
    Free Membership
    • Sep 2018 
    • 353 
    • 32 
    • 20 

    #2
    جزاك الله كل خير
    Comment
    Working...
    X