X

قائد الفتوحات الاسلامية الصحابي الجليل ابو عبيده بن الجراح

المنتدى الاسلامي

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • محمد مصطفى محمود
    Thread Author
    Free Membership
    • Nov 2018 
    • 662 
    • 304 

    مقدمة

    يزخر التاريخ الإسلامي بالعديد من الشخصيات العظيمة ويعتبر أبو عبيدة أحد هذه الشخصيات وهو من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولد الصحابي أبو عبيدة في مكة المكرمة سنة أربعين قبل الهجرة أي في عام 584م، واسمه أبو عبيدة عامر بن عبدالله بن الجراح الفهري القرشي وهو من العشرة المبشرين بالجنة ، وأطلق عليه لقب أمين الأمة حيث قال رسول الله " إن لكل أمة أمينا ، وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح ، ويعد من الأولين الذين دخلوا إلى الدين الإسلامي وكان قائدا مسلما شارك الرسول عليه الصلاة والسلام في غزواته.
    ومن أوصافه الخلقية أنه كان طويل القامة ، نحيل الجسم ، خفيف اللحية ، معروق الجبين ، خفيف العارضين ، أهتم الثنيتين ، أما صفاته الخلقية فمنها الحلم ، والتواضع ، وشدة الحياء ، وحسن الخلق ، وقد كان أبو عبيدة - رضي الله عنه - من السباقين إلى الإسلام ، حيث أسلم قبل دخول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى دار الأرقم ، ثم هاجر الهجرتين ، وشهد مع النبي - عليه الصلاة والسلام - المشاهد كلها ، وكان من أحب الناس إليه ، فقد روي أن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - سئلت عن أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : "أبو بكر ، قلت : ثم من ؟ قالت : ثم عمر ، قلت : ثم من ؟ قالت : ثم أبو عبيدة بن الجراح ، قلت : ثم من ؟ فسكتت".

    إسلام أبي عبيدة الجراح

    يعد أبو عبيدة رضي الله عنه من السابقين الأولين إلى اعتناق الإسلام حيث أسلم في المراحل الأولى من انطلاق الدعوة الإسلامية ، فأعلن إسلامه في اليوم التالي من إسلام أبي بكر الصديق وكان قد أسلم على يد الأخير ، وتزامن إسلامه مع كل من عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن مظعون والأرقم بن أبي الأرقم ، فشكلوا بذلك قاعدة رئيسية لإقامة صرح الإسلام العظيم ، ويذكر أن ذلك كان قبل الهجرة بثلاث عشرة سنة.
    شارك أبو عبيدة الجراح في عدة هجرات منها إلى الحبشة ثم المدينة المنورة ، ويشار إلى أنه شارك مع الرسول صلى الله عليه وسلم بكل غزواته وخاصة غزوة بدر ، وشهد له المسلمين بالثبات في أرض المعركة.


    فضائله رضي الله عنه

    فضائل أبي عبيدة بن الجراح هو صحابي جليل ، من السابقين الأولين إلى الإسلام ، وقد وردت العديد من الأحاديث التي تبين عظم فضله ، ويمكن بيان بعض مناقبه فيما يأتي :-
    أمين هذه الأمة

    حيث يعرف الأمين بأنه الثقة المرضي ، وعلى الرغم من اشتراك الصحابة - رضي الله عنهم - بصفة الأمانة ، إلا إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خص أبا عبيدة - رضي الله عنه - بهذه المنقبة العظيمة ، ليشعره بقدر زائد فيها على غيره ، حيث روى أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أنه قال "إن لكل أمة أمينا ، وإنَ أميننا أيتها الأُمة أبو عبيدة بنُ الجراح" ، ولما قدم أهل نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهموا بالعودة إلى ديارهم ، طلبوا منه أن يبعث معهم رجلا أمينا ، فقال عليه الصلاة والسلام "لأبعثن إليكُم رجلا أمينا حق أمين حق أمين" ، وعندها تمنى كل واحد من الصحابة - رضي الله عنهم - أن يكون هو المبعوث ، ولم يكن ذلك حرصا منهم على الإمارة ، وإنما رغبة منهم بوصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان من الذين رغبوا في الإمارة في تلك الحادثة ، حيث كان يري نفسه للنبي عليه الصلاة والسلام ، ولكنه تخطاهم جميعا ، وبعث أبا عبيدة رضي الله عنه.

    مدح النبي - عليه الصلاة والسلام - لأبي عبيدة

    من فضائل أبي عبيدة - رضي الله عنه- أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرنه بالثناء مع أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، حيث قال: "نعم الرجل أبو بكر ، نعم الرجل عمر ، نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح".

    شهادة النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبي عبيدة بالجنة

    يعد أبو عبيدة -رضي الله عنه- من العشرة الذين بشرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بالجنة ، مصداقا لما رواه سعيد بن زيد - رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام - أنه قال "عشرة في الجنة " أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعلي وعثمان والزبير وطلحة وعبد الرحمن وأبو عبيدة ...".

    جهاده رضي الله عنه في عهد النبي

    غزوة بدر

    من المتفق عليه أن أبا عبيدة حضر غزوة بدر الكبرى التي وقعت في 17 رمضان 2هـ الموافق 13 مارس "آذار" 624م ، وأبلى مع غيره من المهاجرين والأنصار بلاء حسنا ، وقد تناقلت كتب المغازي والتاريخ والتفسير أن أبا عبيدة قتل أباه يوم بدر كافرا ، فقد نقل الخبر في تاريخ دمشق ، قال: «وأخرج الحافظ من طريق البيهقي عن عبد الله بن شوذب» ن وقال ابن حجر في الإصابة «وهو فيما أخرجه الطبراني عن عبد الله بن شوذب» ن وقال السيوطي في "أسباب النزول" «وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شوذب قال نزلت هذه الآية في أبي عبيدة حين قتل أباه يوم بدر: ﴿لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ سورة المجادلة الآية 22».
    وقال آخرون إن أبا عبيدة لم يقتل أباه يوم بدر ، وليس في هذا خبر صحيح أو حسن أو ضعيف ، وهذا الخبر لا يصح سندا ولا متنا ، أما السند فهو معضل ، لأن عبد الله بن شوذب بعيد جدا عن زمن الحدث ، وهو رجل خراساني بصري شامي ، لم يرحل إلى المدينة منبت الأخبار التي حصلت في العصر النبوي ، ولا يصح متنا ، لأن ابن عساكر نقل عن المفضل بن غسان أن الواقدي كان ينكر أن يكون أبو أبي عبيدة أدرك الإسلام ، وينكر قول أهل الشام إن أبا عبيدة لقي أباه في زحف فقتله ، وقال : «سألت رجالا من بني فهر ، منهم زفر بن محمد وغيره ، فقال: توفي أبوه قبل الإسلام».

    غزوة أحد

    ثبت تاريخيا أن أبا عبيدة حضر غزوة أحد التي وقعت في 7 شوال 3 هـ الموافق 23 مارس 625م ، وأنه كان من الذين ثبتوا في ميدان المعركة عندما بوغت المسلمون بهجوم المشركين ، وأنه كان من المدافعين عن النبي محمد ، ويذكر أنه نزع يوم أحد الحلقتين اللتين دخلتا من المغفر في وجنة النبي بثنيتيه ، فانقلعت ثنيتاه ، فحسن ثغره بذهابهما.
    وقصة وقوع ثنيتي أبي عبيدة روتها السيدة عائشة سمعت أبا بكر يقول «لما كان يوم أحد ، ورُمِيَ رسولُ الله في وجهه حتى دخلت في أجنتيه "وجنتيه" حلقتان من المغفر ، فأقبلت أسعى إلى رسول الله وإنسان قد أقبل من قبلِ المشرق يطير طيرانا ، فقلت اللهم اجعله طاعة أو "طلحة" حتى توافينا إلى رسول الله ، فإذا أبو عبيدة بن الجراح قد بدرني فقال أسألك بالله يا أبا بكر إلا تركتني فأنزعه من وجنة رسول الله ، قال أبو بكر : فتركته ، فأخذ أبو عبيدة بثنية إحدى حلقتي المغفر فنزعها ، وسقط على ظهره ، وسقطت ثنية أبي عبيدة ، ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنيته الأخرى ، فسقطت، فكان أبو عبيدة في الناس أثرم "أهتم وهو الذي انكسرت ثناياه من أصولها".

    سرية أبي عبيدة بن الجراح

    بعث النبي محمد أبا عبيدة بن الجراح في أربعين رجلا إلى ذي القصة في شهر ربيع الآخر سنة 6هـ الموافق لشهر أغسطس "آب" 627م ، وسبب السرية هو أنه قد بلغه أن بعض القبائل يريدون أن يغيروا على سرح المدينة وهو يرعى يومئذ بمحل بينه وبين المدينة سبعة أميال ، فصلوا المغرب ، ومشوا ليلتهم حتى وافوا ذا القصة مع عماية الصبح ، فأغاروا عليهم ، فأعجزوهم هربا في الجبال ، وأسروا رجلا واحدا ، وأخذوا نعما من نعمهم ورثة ، أي ثيابا خلقة من متاعهم ، وقدموا بذلك إلى المدينة ، فخمسه النبي محمد ، وأسلم الرجل، فتركه.

    سرية ذات السلاسل

    وقعت سرية عمرو بن العاص أو ذات السلاسل في شهر جمادى الآخرة سنة 8هـ الموافق لشهر سبتمبر "أيلول" 629م ، روى الإمام أحمد في المسند عن عامر الشعبي بعث رسول الله جيش ذات السلاسل ، فاستعمل أبا عبيدة على المهاجرين ، واستعمل عمرو بن العاص على الأعراب ، فقال لهما «تطاوعا» ، قال وكانوا يؤمرون أن يغيروا على بكر ، فانطلق عمرو فأغار على قضاعة ، لأن بكرا أخوال ه، فانطلق المغيرة بن شعبة إلى أبي عبيدة فقال «إن رسول الله استعملك علينا وإن ابن فلان قد ارتبع أمر القوم ، وليس لك معه أمر» ، فقال أبو عبيدة «إن رسول الله أمرنا أن نتطاوع ، فأنا أطيع رسول الله وإن عصاه عمرو».
    ورواية ابن سعد تعطي تفسيرا آخر للغزوة ، قال: بلغ رسول الله أن جمعا من قضاعة تجمعوا يريدون أن يدنوا إلى أطراف المدينة النبوية ، فدعا عمرو بن العاص فعقد له لواء ، وبعث معه ثلاثمئة من سراة المهاجرين والأنصار ، وأمره أن يستعين بمن يمر به من بلي وعذرة وبلقين ، فلما قرب من القوم بلغه أن لهم جمعا كثيرا ، فبعث إلى رسول الله يستمده ، فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في مئتين ، وبعث معه سراة المهاجرين والأنصار فيهم أبو بكر وعمر ، وأمره أن يلحق بعمرو وأن يكونا جميعا ولا يختلفا ، فلحق بعمرو ، فأراد أبو عبيدة أن يؤم الناس فقال عمرو «إنما قدمت علي مددا وأنا الأمير»، فأطاع له بذلك أبو عبيدة وكان عمرو يصلي بالناس.

    سرية الخَبَط

    أرسل النبي محمد سرية الخبط في شهر رجب سنة 8 هـ الموافق لشهر أكتوبر 629م ، وجعل أميرها أبا عبيدة بن الجراح. فعن جابر بن عبد الله بعث رسول الله بعثا نحو الساحل ، وأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح ، وهم ثلاثمائة ، فلما كانوا ببعض الطريق فني الزاد ، فأمر أبو عبيدة بأزواد الجيش فجمعها ، قال جابر فكان يقوتنا كلَ يوم قليلا قليلا حتى فني ، فلم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة ، قال الذي سمع من جابر «ما تغني عنكم تمرة؟»، قال جابر: «كنا نمصها كما يمص الصبي الثدي ثم نشرب عليها الماء، فتكفينا يومنا إلى الليل» ، قال جابر لقد وجدنا فقدها حين فنيت ، فأصابنا جوع شديد حتى أكلنا الخبط ، فسمي ذلك الجيش جيش الخبط ، قال ثم انتهينا إلى البحر ، فإذا حوت مثل الظرب "الجبل الصغير" فأكلنا منه نصف شهر وادهنا من ودكه حتى ثابت إلينا أجسامنا ، فأخذ أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا فأقعدهم في وقب عينه "يريد بيان كبر حجم هذا الحوت" ، فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك للنبي فقال «كلوا رزقا أخرجه الله ، أطعمونا إن كان معكم» ، فأتاه بعضهم بعضوٍ فأكله، وكانوا قد صنعوا منه قديداً وحملوه معهم.
    يستفاد من هذه القصة أن أبا عبيدة كان يؤمر على السرايا في العهد النبوي ، وهذا يدل على ظهور نبوغه العسكري والإداري في عهد النبي محمد.

    سقيفة بني ساعدة

    كان لأبي عبيدة بنِ الجراح تأثير في يوم سقيفة بني ساعدة ، وقصة يوم سقيفة بني ساعدة كما رواها البخاري في كتاب فضائل الصحابة قالت السيدة عائشة «إن رسول الله مات وأبو بكر بالسنح ، فقام عمر يقول «والله ما مات رسول الله وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم» ، فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله فقبله ، قال «بأبي أنت وأمي ، طبت حيا وميتا، والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا» ، ثم خرج واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا: «منا أمير ومنكم أمير»، فذهب إليهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح ، فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر ، وكان عمر يقول والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاما قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر ، ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس ، فقال في كلامه «نحن الأمراء وأنتم الوزراء»، فقال حباب بن المنذر «لا والله لا نفعل ، منا أمير ومنكم أمير» ، فقال أبو بكر «لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء ، هم "يعني قريش" أوسط العرب دارا وأعربهم أحسابا ، فبايعوا عمر أو أبا عبيدة بن الجراح»، فقال عمر «بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله »، فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس.
    وفي قصة يوم السقيفة شاهدان لهما مدلولات على شخصية أبي عبيدة بن الجراح الأول : ذهاب أبي عبيدة بصحبة أبي بكر وعمر إلى سقيفة بني ساعدة عندما علم بخبر اجتماع الأنصار لتأمير أحدهم ، الثاني : قول أبي بكر «بايعوا عمر أو أبا عبيدة»، وهذا يدل على أنه كان أهلا للخلافة ، في منزلة أبي بكر وعمر ، مع العلم أن أبا عبيدة لم يكن من علياء قريش ، ولكنه حصل على الكفاءة بخدمته الجليلة في الإسلام ، وبتفرده وتفوقه في مناقب القيادة ، حتى وصفه النبي محمد بأنه «أمين هذه الأمة» ، وقد أخرج مسلم عن أبي مليكة قال سألت عائشة «مَن كان رسول الله مستخلفا لو استخلفه؟»، قالت «أبو بكر»، فقيل لها «ثم من بعد أبي بكر؟» ، قالت «عمر»، ثم قيل لها «مَن بعد عمر؟» ، قالت «أبو عبيدة بن الجراح» ثم انتهت.
    وروي أن عمر بن الخطاب قال «لو كان أبو عبيدة بن الجراح حيا لاستخلفته ، فإن سألني ربي عنه قلت استخلفت أمين الله وأمين رسوله».

    جهاده رضي الله عنه في خلافة ابو بكر الصديق

    قيادة جيوش فتح الشام

    بعد أن اتخذ أبو بكر القرار بفتح الشام وإرسال الجيوش لمحاربة الروم ، أرسل إلى أربعة من الصحابة هم أبو عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل ، وشرحبيل بن حسنة ، ويزيد بن أبي سفيان ، فجاؤوا إليه ، فقال لهم «إني باعثكم في هذا الوجه "الشام" ومؤمركم على هذه الجنود ، وأنا موجه مع كل رجل منكم من الرجال ما قدرت عليه ، فإذا قدمتم البلد ولقيتم الجنود واجتمعتم على قتالهم ، فأميركم أبو عبيدة بن الجراح ، وإن لم يلقكم أبو عبيدة وجمعتكم حرب فأميركم يزيد بن أبي سفيان»، فتجهز الأمراء لهذه المهمة ، وراح المسلمون يسعون إلى المعسكر فينضمون إليه ، العشر والعشرون والثلاثون إلى المئة في كل يوم، حتى اجتمع منهم جمع.
    لواء يزيد بن أبي سفيان بعد أن ازدحم معسكر الجيش بالقادمين للانضمام إلى جيش فتح الشام ، عقد أبو بكر أولا لواء ليزيد بن أبي سفيان في شهر رجب سنة 12هـ الموافق 633م ويتراوح جيش يزيد ما بين ثلاثة آلاف إلى ستة آلاف ، لاختلاف الأقوال في عدده ، وقد سار متجها إلى الشام عن طريق تبوك ، واستقر في البلقاء.
    لواء شرحبيل بن حسنة خرج في 27 رجب سنة 12 هـ الموافق 7 أكتوبر 633م في جمع من المجاهدين ، وسلك الطريق نفسها التي سلكها يزيد.
    لواء أبي عبيدة بن الجراح ودع شرحبيل أبا بكر وسار في جيشه إلى الشام ، وبقي معظم الجند مع أبي عبيدة بن الجراح بالمعسكر ، يؤمهم أبو عبيدة في الصلاة ، وينتظرون أمْر أبي بكر بالمسير ، وكان أبو بكر ينتظر قدوم من استنفر من المسلمين حتى يشحن بهم أرض الشام ، وكانت وفود المسلمين تتوافد تباعا إلى المدينة ، أكثرهم من اليمن ، وبعد اكتمال العدد والعدة اللازمتين للقاء الروم، ودع أبو بكر أبا عبيدة في السابع من شعبان سنة 12هـ الموافق 17 أكتوبر "تشرين الأول" 633م، وقال أبو بكر يوصيه :-
    أبو عبيدة بن الجراح اسمع سماع من يريد أن يفهم ما قِيل له ثم يعمل بما أُمر به إنك تخرج في أشراف الناس وبيوتات العرب وصلحاء المسلمين وفرسان الجاهلية ، كانوا يقاتلون إذ ذاك على الحمية وهم اليوم يقاتلون على الحِسبة والنية الحسنة أحسن صحبة مَن صحبَك ، وليكن الناس عندكم في الحق سواء ، واستعن بالله ، وكفى بالله معينا.

    سار أبو عبيدة من المدينة حتى مرَ بوادي القرى ، ثم طلع إلى الحجر "وهي مدائن صالح" ثم إلى ذات المنار ، ثم إلى زيزا ، ومنها سار إلى مآب ، فتصدت له قوة من الروم التحم بهم المسلمون ، حتى أدخلوهم مدينتهم وحاصروهم فيها ، فطلب أهل مآب الصلح فكانت أول مدن الشام يُصالح أهلها المسلمين ، ثم سار أبو عبيدة إلى الجابية، ودنا منها.
    وبلغت أخبار هذه التحركات إلى هرقل ملك الروم وهو بفلسطين ، ثم خرج هرقل من فلسطين ، واتجه إلى أنطاكية بأقصى بلاد الشام واتخذها مقرا ، وبعث إلى الروم يطلب حشودهم، فجاءته منهم أعداد غفيرة ، وبلغت أخبار حشود الروم أبا عبيدة ، فكتب إلى أبي بكر في منتصف رمضان سنة 12هـ: «فإنه بلغني أن هرقل ملك الروم نزل قرية من قرى الشام تُدعى أنطاكية، وأنه بعث إلى أهل مملكته فحشرهم إليه، وأنهم نفروا إليه على الصعب والذلول ، وقد أحببت أن أُعلمك ذلك فترى فيه رأيك»، فأجابه أبو بكر «أما بعد فقد بلغني كتابك فأما منزل هرقل بأنطاكية فهزيمة له ولأصحابه وأما حشره لكم أهل مملكته فإن ذلك ما قد كنا وكنتم تعلمون أنه سيكون منهم ، وما كان قوم ليدعوا ملكهم ويَخرجوا بغير قتال فالقهم بجندك ولا تستوحش فإن الله معك ، وأنا مع ذلك ممدك بالرجال حتى تكتفي». وفي السادس من شوال سنة 12هـ كتب أبو عبيدة إلى أبي بكر «إن عيوني من أنباط الشام أخبروني أن أوائل أمداد ملك الروم قد وصلوا إليه، وأن أهل مدائن الشام بعثوا رسلهم إليه يستمدونه، وأنه كتب إليهم أن أهل مدينة من مدائنكم أكثر ممن قدم عليكم من العرب ، فانهضوا إليهم فقاتلوهم فإن مددي يأتيكم من ورائكم. فهذا ما بلغني عنهم ، وأنفس المسلمين راضية بقتالهم».
    لواء هاشم بن عتبة بن أبي وقاص: في 28 شوال سنة 12هـ الموافق 5 يناير "كانون الثاني" 634م ، دعا أبو بكر هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، وطلب منه أن يسير بمن تبعه من المسلمين للانضمام إلى جند فتح الشام ، وخطب في الناس يحضهم على الجهاد والالتحاق بجند الشام ، فخرج هاشم إلى أبي عبيدة بمن معه من الجند في 21 ذي القعدة سنة 12هـ الموافق 27 يناير "كانون الثاني" 634م، فتباشر المسلمون بمَقدِمِه وسروا به.
    لواء عمرو بن العاص وتتابعت بعد ذلك الإمدادات ، كلما اجتمع في المدينة عدد من الجند بعثهم أبو بكر لينضموا إلى واحد من الجيوش التي استقرت في الشام ، وكان آخرهم جيش عمرو بن العاص ، فصار للمسلمين أربعة جيوش في الشام جيش أبي عبيدة ، وجيش يزيد بن أبي سفيان ، وجيش شرحبيل بن حسنة ، وجيش عمرو بن العاص ، وكانت قيادتهم العامة لأبي عبيدة بن الجراح وخص أبو بكر كلَ جيش بقطاع من أرض الشام فأبو عبيدة لحمص ، ويزيد لدمشق ، وشرحبيل للأردن ، وعمرو لفلسطين.

    معركة داثن

    وقعت في سنة 13هـ الموافق 634م ، وهي أول معركة صغيرة في تاريخ فتح الشام بعد مؤتة وسرية أسامة بن زيد ، وقد بدأت في وادي عربة وانتهت في داثن ، فبعد أن نزل يزيد بن أبي سفيان البلقاء ، ونزل شرحبيل بن حسنة نواحي بصرى، ونزل أبو عبيدة الجابية ، دفع الروم بثلاثة آلاف مقاتل إلى وادي عربة من غور فلسطين جنوب البحر الميت ، وهذه القوة تهدد جيوش المسلمين التي تقدمت على الطريق الشرقي التي رابطت على امتداده حتى جنوب دمشق بنحو خمسين كيلا عند الجابية ، فهي قوة تأتيهم من خلفهم وفي استطاعتها قطع طريق الإمداد من المدينة والجزيرة العربية، مع وجود قوة رومية أخرى في بُصرى.
    وقد درات المرحلة الأولى من المعركة في وادي عربة في مكان يسمى "الغمر"، ولما انهزم الروم تبعهم المسلمون إلى مكان يسمى "الدُّبيَّة" على بعد عشرة أميال للجنوب الشرقي من مدينة رفح ، ومنها هرب الروم إلى داثن ، فلحق بهم المسلمون وانتصروا عليهم ، وهرب فلُّهم، وبها سيطر المسلمون على جنوب فلسطين أو منطقة غزة ن وكانت هذه المعركة قبل قدوم عمرو بن العاص بجيشه ، حيث لم يرد له ذكر في المعركة.

    خالد بن الوليد في الشام

    قرر الخليفة أبو بكر الصديق أن يضم جيش خالد بن الوليد في العراق إلى جيوش الشام ، فكتب إليه في المحرم سنة 13هـ الموافق مارس "آذار" 634م: «أما بعد ، فإذا جاءك كتابي فدع العراق ، وامضِ متخففا في أهل القوة من أصحابك الذين قدموا العراق معك من اليمامة وصحبوك من الطريق ، وقدموا عليك من الحجاز ، حتى تأتي الشام ، فتلقى أبا عبيدة بن الجراح ومن معه من المسلمين» ، عندئذ كتب خالد إلى المسلمين بالشام «إن كتاب خليفة رسول الله أتاني يأمرني بالمسير إليكم ، وقد شمرت وأسرعت ، وكأن خيلي قد أطلَت عليكم في رجال ، فأبشروا بإنجاز موعود الله وحسن ثوابه» ن وكتب إلى أبي عبيدة بن الجراح «لقد أتاني كتاب خليفة رسول الله يأمرني بالمسير إلى الشام ، وبالمقام على جندها والتولي لأمرها ، ووالله ما طلبت ذلك ولا أردته ولا كتبت إليه فيه ، وأنت رحمك الله ، على حالك التي كنت بها ، لا يعصى أمرك ولا يخالف رأيك ، ولا يقطع أمر دونك ، فأنت سيد من سادات المسلمين ، لا ينكر فضلك ولا يستغنى عن رأيك».

    فتح بصرى ومعركة أجنادين

    إن أول مدينة محصنة تم فتحها هي مدينة بصرى قصبة حوران ، وكان ذلك في الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول سنة 13هـ الموافق 29 مايو "أيار" 634م، بعد قدوم خالد إلى الشام ، وبعد بصرى توجه أبو عبيدة وخالد بن الوليد إلى حصار دمشق ، وبقي شرحبيل في بصرى ، ويزيد بن أبي سفيان في البلقاء ، وعمرو بن العاص في فلسطين ، وبينما كان أبو عبيدة وخالد يقاتلان من بجهة دمشق ، جاءتهما العيون بالأخبار تقول «إن "وردان" الأمير الرومي على حمص ، خرج منها في جيش رومي كبير متجها نحو بصرى لاستردادِها من أيدي المسلمين وقطع جيش أبي عبيدة وخالد عن بقية الجيوش» ، وجاء إلى أبي عبيدة وخالد خبر آخر يقول «إن جيشا كبيرا آخر للروم قد نزل بأجنادين من جنوب فلسطين ، وعليهم قائد اسمه تذارق »، فالتقى أبو عبيدة وخالد وتشاورا في ذلك ، فاستقر الرأي أن يتجها إلى أجنادين حيث الجيش الرومي الأكبر ، وأن يكتبا إلى الجيوش الأخرى للاجتماع في ذلك المكان ، وتم ما اتفق عليه ، وكان لقاء بين جيش الروم الذي يبلغ عدده حوالي مائة ألف ، وبين جيش المسلمين البالغ عدده حوالي ثلاثين ألفا ، فانتصر المسلمون وهزم الروم شرَ هزيمة ، وانتهى خبر الهزيمة إلى هرقل ، فهرب من حمص إلى أنطاكية ، وكانت معركة أجنادين يوم السبت السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة 13هـ الموافق 30 يوليو "تموز" سنة 634م. ونتيجة لهزيمة الروم في أجنادين ، أصبحت فلسطين كلها مكشوفة أمام المسلمين.

    جهاده رضي الله عنه في خلافة عمر بن الخطاب

    تولية أبي عبيدة قيادة جيوش الشام

    بعد وفاة أبي بكر الصديق في 21 جمادى الآخرة سنة 13هـ الموافق 23 أغسطس سنة634م، أمر عمر بن الخطاب بتولية أبي عبيدة أميرا على الجيوش وعلى الشام ، فكتب إلى أبي عبيدة «قد وليتك جماعة المسلمين ، فبث سراياك وانظر في ذلك برأيك ومن حضرك من المسلمين ومن احتجت إليه في حصارك فاحتبسه ، وليكن فيمن يحتبس خالد بن الوليد فإنه لا غنى بك عنه».
    وقد وصل كتاب عمر بن الخطاب إلى المسلمين في الشام في أثناء اجتماعهم في معركة ، وكانوا إذا اجتمعوا ولَّوا عليهم أميرا عاما ، ولكن المؤرخين لم يتفقوا على زمن وصول كتاب عمر بتولية أبي عبيدة ، فقال قوم أثناء حصار دمشق ، وقال آخرون أثناء معركة اليرموك ، فقد روى الإمام أحمد عن عبد الملك بن عمير قال استعمل عمر بن الخطاب أبا عبيدة بن الجراح على الشام ، وعزل خالد بن الوليد ، فقال خالد بن الوليد «بعث عليكم أمين هذه الأمة ، سمعت رسول الله يقول أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح»، قال أبو عبيدة «سمعت رسول الله يقول خالد سيف من سيوف الله ونعم فتى العشيرة».

    معركة فِحل

    وقعت معركة فحل في 28 ذي القعدة سنة 13هـ الموافق 23 يناير "كانون الثاني" 635م ، حيث أراد هرقل وقف زحف المسلمين الذين وصلوا إلى دمشق ، فحشد نواحي فحل جندا كثيرا بقيادة "سقلار" أحد خاصته ، فقابلهم المسلمون بحشد معظم جندهم بالشام ، وعلى رأسهم كبار قوادهم ، وكانت القيادة العامة لأبي عبيدة بن الجراح ، وكان خالد بن الوليد على المقدمة ، وكانت كلها من الفرسان ، وعلى الميمنة معاذ بن جبل ، وعلى الميسرة هاشم بن عتبة ، فلما رأت الروم تصميم المسلمين على حربهم بثقوا المياه من سدود بيسان التي كانت تحيط بها قنوات كثيرة يرفِدها نهر الأردن ، بقصد أن تتوحل الأرض وتعوِق تقدمَهم ، ولكنّ المسلمين أخذوهم على غرة ، فاقتتل الفريقان قتالا شديدا استمر ليلتهم ونهارهم ، فلما أظلم الليل التالي دفع المسلمون الروم إلى ذلك الوحل أو ما يسمى "الردغة" وركبوهم فيها بالرماح ، فأصاب المسلمون قائدهم سقلار والذي يليه ، وقتلوا من الروم ألوفا، ولم ينج منهم إلا الشريد ، ولذلك عرفت تلك الواقعة بيوم فِحل أو يوم الردغة أو يوم بيسان ، وقد ترتب على هزيمة الروم محاصرة فحل ، فكانت أول المدن المحاصرة في الشام ، فسأل أهلها الأمان على أداء الجزية ، فترك عليهم أبو عبيدة فيها الأمير شرحبيل بن حسنة الذي استمر عليها واليا إلى أن هلك في طاعون عمواس ، وبعد هذه المعركة لم تعد قوات رومية في فلسطين تستطيع الوقوف أمام زحف المسلمين.

    فتح دمشق

    بعد معركة فحل ، توجه أبو عبيدة بن الجراح بجيوش المسلمين من الأردن إلى دمشق فحاصرها من جميع جهاتها أربعة أشهر ، استولى المسلمون أثنائها على غوطة دمشق ، ونزل خالد بن الوليد أمام الباب الشرقي ، ونزل أبو عبيدة على باب الجابية غربي المدينة ، ونزل يزيد بن أبي سفيان على الباب الصغير إلى باب كيسان "باب يونس قبل الفتح"، ونزل عمرو بن العاص على باب توما في الشمال ، ونزل شرحبيل بن حسنة على باب الفراديس ، وتم الفتح يوم الأحد 15 رجب سنة 14هـ الموافق 3 سبتمبر "أيلول" 635م.
    ولما كان فتح دمشق في بواكير فصل الشتاء ، فقد أمضى المسلمون بقية الفصل البارد في دمشق، وبعد انقضاء فصل الشتاء توجه أبو عبيدة وخالد بن الوليد إلى حمص لفتحها ، وسلكوا إليها طريق سهل البقاع مارا بمدينة بعلبك ثم جوسية إلى حمص ، ففتحوا بعلبك ، وكتب أبو عبيدة لأهلها كتاب أمان ، ووصلوا إلى حمص فتم فتحها دون مقاومة صلحا.

    معركة اليرموك

    عندما خرج أبو عبيدة من دمشق إلى حمص ، استخلف على دمشق يزيد بن أبي سفيان ، وعلى فلسطين عمرو بن العاص ، وعلى الأردن شرحبيل بن حسنة ، وعندما كان أبو عبيدة في حمص قدمت إليه العيون والجواسيس فأخبروه أن الروم قد جمعوا جموعا لا حصر لها ، وأنهم متجهون إلى جنوب الشام ، فجمع أبو عبيدة رؤوس المسلمين لمشاورتهم ، واتخذ القرار بالانسحاب من حمص والعودة إلى المناطق المفتوحة من بلاد الشام.
    وكان أبو عبيدة قد استعمل حبيب بن مسلمة على الخراج ، فبعث إليه وقال له «انظر ما كنت جبيته من الخراج من حمص ، فاحتفظ به حتى آمرك فيه بأمري ، ولا تجيبَنَّ أحدا ممن بقي من الناس حتى أحدث إليك في ذلك»، فلما أراد أبو عبيدة أن يمضي بجيش المسلمين دعا حبيب بن مسلمة وقال له «اردُدْ على القوم الذين كنا صالحناهم من أهل البلد ما كنا أخذنا منهم ، فإنه لا ينبغي لنا ، إذ لم نمنعهم أن نأخذ منهم شيئا ، وقل لهم نحن على ما كنا عليه فيما بيننا وبينكم من الصلح ، لا نرجع فيه إلا أن ترجعوا عنه ، وإنما ردنا عليكم أموالكم أنا كرهنا أن نأخذ أموالكم ولا نحمي بلادكم».
    وأصبح الصباح ، فأمر أبو عبيدة برحيل جيش المسلمين إلى دمشق ، واستدعى حبيب بن مسلمة القوم الذين أخذ منهم الجزية ، فرَد عليهم مالهم وأخبرهم بما قال أبو عبيدة ، فأخذ أهل حمص يقولون «ردَّكم الله إلينا ، ولعن الله الذين كانوا يملكوننا من الروم ولو كانوا هم ما ردّوا علينا شيئاً، بل غصبونا وأخذوا ما قدروا عليه من أموالنا... إن ولايتكم وعدلكم أحبُّ إلينا مما كنا فيه من الظلم»، وعاد أبو عبيدة إلى دمشق، وجاءت جحافلُ الروم فدخلت حمصَ، ثم تحركت جنوباً خلال وادي البقاع إلى بعلبك، ولم يتجهوا إلى دمشق حيث اجتمع المسلمون وإنما اتجهوا إلى الحولة في اتجاه نحو الجنوب، فرأى المسلمون في مسار الروم حركة التفاف يستهدفون بها قطعَ خط الرجعة على جيش المسلمين وحصرَه بين جيشهم وبين أرض ليست في يد المسلمين، وتشاورَ قادةُ الجيوش الإسلامية، واتفقوا على أن تجتمع الجيوش في الجابية ومنها تتجه إلى اليرموك. وانعقد مجلس الشورى في الجابية، وتعددت الآراء، فمنهم من رأى الرجوع إلى حدود آيلة "العقبة" ومنهم من رأى الثبات في المكان. وقال خالد بن الوليد: «أرى والله إن كُنّا نقاتل بالكثرة والقوة، فهم أكثر منا وأقوى علينا، وما لنا بهم طاقة، وإن كنا إنما نقاتلهم بالله ولله، فما أن جماعتهم ولو كانوا أهل الأرض جميعاً تُغني عنهم شيئاً»، ثم وجَّه كلامه لأبي عبيدة قائلاً: «فولِّني ما وراء بابك وخلِّني والقوم، فإني لأرجو أن ينصرني الله عليهم»، قال أبو عبيدة: «قد فعلتُ»، فولى أبو عبيدة خالداً سلطانه في القيادة العامة على جيوش المسلمين بالشام.
    وحد أبو عبيدة جيوشَ المسلمين تحت قيادة خالد بن الوليد، فوضع خالدٌ خطةَ القتال، ونظَّم جندَ المسلمين بإزاء الروم، وقيل إنه قسّم الجيش ميمنة وميسرة وقلباً، واتّبع أسلوباً جديداً في تعبئة الجيش هو طريقة الكراديس أو الكتائب، وقسّمه إلى كتائب مشاة وكتائب خيالة، فحوّل الجيش إلى ستة وثلاثين كردوساً، وجعل أبا عبيدة وشرحبيل بن حسنة قائدين لكراديس القلب، وعمرو بن العاص على كراديس الميمنة، ويزيد بن أبي سفيان على كراديس الميسرة، وبقي خالد في الوسط تحت راية العُقاب، وحشد الرماة على الجانبين، واضعاً النساء خلف الجيش، ودامت المعارك ستة أيام، وكانت خطة المسلمين فصلَ مشاة الروم عن خيَّالتهم لإبقاء المشاة تحت سيطرة المهاجمين المسلمين، وتقهقر الروم شمالاً باتجاه المخاضة في وادي الرقاد "رافد نهر اليرموك" على المنحدر الشرقي منه، وعندما انتقل مشاة الروم المسلسلين إلى المنحدر الغربي بدؤوا يتهاوون إلى الواقوصة
    انتهت المعركة بهزيمة ساحقة للروم، وبنصر باهر للمسلمين، وكانت أكبر كارثة حلَّت بالإمبراطورية البيزنطية، انهار على إِثْرِها الحكمُ البيزنطي في بلاد الشام، وغادر هرقل أنطاكية وهو يقول: «وداعاً يا سورية وداعَ مَن لا يعود إليكِ». كما عُدَّت معركة اليرموك من أعظم فتوح المسلمين، وباباً إلى ما جاء بعدها من فتوح، وصار المسلمون بعد ذلك يعملون في ميدانين: أحدهما شمالي يضم دمشق وحمص وما والاهما، وثانيهما جنوبي يضم الأردن وفلسطين، كما يسَّر فتح اليرموك فتح العراق، ومدَّ حركة الفتح إلى مصر. ومن المؤكد أن معركة اليرموك كانت في رجب سنة 15هـ الموافق آب سنة 636م.

    أبو عبيدة بعد اليرموك

    توجّه أبو عبيدة بعد اليرموك إلى دمشق وقسَّم الشام على الأمراء، فاستخلف يزيد بن أبي سفيان على دمشق، وعمرو بن العاص على فلسطين، وشرحبيل بن حسنة على الأردن، وأما خالد بن الوليد فقد كان يطارد فلول الروم بعد اليرموك ووصل إلى حمص، فتبعه أبو عبيدة وتوجّه إلى حمص، وبعث خالداً بنَ الوليد إلى قنسرين، ثم رحل أبو عبيدة إلى حلب، فوجد أهلها قد تحصنوا ثم طلبوا الصلح والأمان على أنفسهم وأموالهم وسور مدينتهم ومنازلهم فأُعطوا ذلك واستثنى عليهم موضعاً للمسجد. ثم سار إلى أنطاكية التي ظلت مدة الفتوح مقرّ هرقل ومأمنه، ففتحها أبو عبيدة عام 638م ، وقد صالح أبو عبيدة أهلها على الجزية والجلاء، فجلا بعضُهم وأقام بعضُهم، ولمّا فُتحت أنطاكية كتب عمر إلى أبي عبيدة أن يرتب بها جماعة من المسلمين من أهل النيّات والحسبة، وأن يجعلهم مرابطين بها، ولا يحبسَ عنهم العطاء. وبلغ أبا عبيدة أن جمعاً للروم بين معرة مصرين وحلب، فلقيهم وفضَّ جمعهم وسبى منهم وغَنِم، وفتح معرة مصرين على مثل صلح حلب، وجالت فرسان أبي عبيدة فبلغت بوقة. وفُتحت قرى جُومة وسَرْمين ومَرْتَحْوان "من نواحي حلب" وتيزين.
    قال البلاذري في فتوح البلدان وصالحوا أهل دير طايا ودير فسيلة على أن يُضيفوا مَن مرّ بهم من المسلمين. وأتاه نصارى خُناصِرة فصالحهم، وفتح أبو عبيدة جميع أرض قنسرين وأنطاكية. وسار أبو عبيدة يريد قُورُس ، فتلقاه راهب من رهبانها يسأل الصلحَ عن أهلها، فبَعَثَتْ به المقدمةُ إلى أبي عبيدة وهو بين جبرين وتل أعزاز فصالحه، ثم أتى قورس فعقد لأهلها عهداً وأعطاهم مثل الذي أعطى أهل أنطاكية، وكتب للراهب كتاباً في قرية له تدعى شرقينا، وبث خيله فغلب على جميع أرض قورس إلى آخر حدّ نقابلس وكانت قورس كالمسلحة لأنطاكية يأتيها كلَّ عام طالعة من جند أنطاكية ومقاتلتها.
    وأتى أبو عبيدة حلب الساجور، وقدَّم قوة إلى منبج، ثم لحقها وصالح أهلها على مثل صلح أنطاكية، وبعث عياض بن غنم إلى ناحية دُلُوك ورَعْبان فصالح أهلها على مثل صلح منبج واشترط عليهم أن يبحثوا عن أخبار الروم ويكاتبوا بها المسلمين، وولَّى أبو عبيدة كلَّ كورة فَتَحَها عاملاً وضمَّ إليه جماعة من المسلمين وشحن النواحي المخوفة. ثم سار أبو عبيدة حتى نزل عراجين وقدَّم مقدِّمَتَه إلى بالس، وبعث حبيب بن مسلمة في جيش إلى قاصرين فجلا أكثر أهلها إلى جسر منبج وبلاد الروم والجزيرة، ورتّب أبو عبيدة حامية في بالس ، وأسكنها قوماً من عرب الشام أسلموا بعد قُدوم المسلمين إلى الشام، كما أسكن قاصرين قوماً، وبلغ أبو عبيدة الفرات ثم رجع إلى فلسطين. واستخلف أبو عبيدة على حمص عبادة بن الصامت قبل أن يمضي إلى بيت المقدس، فأتى عبادةُ اللاذقية ففتحها، وفتح بقية الساحل، جبلة وطرطوس.

    فتح بيت المقدس

    بيت المقدس من آخر المعاقل التي تحصَّن الروم وراء أسوارها، وتم فتحها في خلافة عمر بن الخطاب، وفي أمارة أبي عبيدة بن الجراح على الشام. وقد كان أبو عبيدة قد فرغ من فتح شمال الشام، ثم عاد إلى فلسطين، وكان عمرو بن العاص يحاصر القدس، حيث صارت جيباً معزولاً محاصراً فوق الجبال، فلما وصل أبو عبيدة طلب أهل القدس أن يصالحهم على مثل صُلح أهل مدن الشام، وأن يكون المتوليَ لعقد الصلح عمرُ بنُ الخطاب، فكتب أبو عبيدة إلى عمر بن الخطاب برغبة أهل بيت المقدس، فلبَّى عمر وحضر إلى الشام، فتمَّ فتح القدس في شهر ربيع الأول سنة 16هـ الموافق أبريل "نيسان".

    حب رسول الله صلى الله عليه و سلم لأبي عبيدة

    لقد أحب الرسول عليه الصلاة والسلام أمين الأمة أبا عبيدة كثيرا وآثره كثيراً ، ويوم جاء وفد نجران من اليمن مسلمين، وسألوه أن يبعث معهم من يعلمهم القرآن والسنة والإسلام، قال لهم رسول الله : لأبعثن معكم رجلاً أمينا، حق أمين، حق أمين.. حق أمين.
    وسمع الصحابة هذا الثناء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتمنى كل منهم لو يكون هو الذي يقع إختيار الرسول عليه، فتصير هذه الشهادة الصادقة من حظه ونصيبه يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما أحببت الإمارة قط، حبّي إياها يومئذ، رجاء أن أكون صاحبها، فرحت إلى الظهر مهجّراً، فلما صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر، سلم، ثم نظر عن يمينه، وعن يساره، فجعلت أتطاول له ليراني فلم يزل يلتمس ببصره حتى رأى أبا عبيدة بن الجرّاح، فدعاه، فقال: أخرج معهم، فاقض بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه.. فذهب بها أبا عبيدة.

    أول من ولي بيت المال

    أول ذكر لبيت المال كان في خلافة أبي بكر الصديق، فقد قام باتّخاذ بيت مال بالسنح، وهي ضاحي من ضواحي المدينة المنورة، ثمّ قاموا بنقله إلى المدينة المنوّرة، فقد قام بتنصيب أبي عبيدة بن الجراح قبل أن يقوم بتوجيهه إلى بلاد الشام، ومن هنا نعرف بأن أول من ولي بيت المال هو عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث المعروف بأبي عبيدة، أمين هذه الأمة، وفاتح بلاد الشام، المولود في سنة 40 ق.هـ - 584م في مكة، فقد ورد عن أنس بن مالك أن الرسول صلّى الله عليه وسلم قال: "...وإِنَّ لِكلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وإِنَّ أَمِينَ هذه الأُمَّةِ: أبو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ"، فلقد كان إسلام أبو عبيدة على يد أبي بكر الصديق، ولقد كان ممّن أسلموا مبكراً، وكان ملازماً للرسول – صلى الله عليه وسلم – ولا يحب أن يبتعد عنه ليتعلم كل شيء على يديه ، وتوفي رضي الله عنه في سنة 18 هـ - 639م، بطاعون عمواس في غور الأردن.

    أقوال أبو عبيدة

    *- "التهلكة هو أن يذنب ، ثم لا يعمل بعده خيرًا حتى يهلك".
    *- "قال أبو عبيدة بن الجراح: ألا رُبَّ مبيِّضٍ لثيابه مدنس لدينه. ألا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين. ادرؤوا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات، فلو أن أحدكم عمل من السيئات ما بينه وبين السماء ، ثم عمل حسنة، لعلت فوق سيئاته حتى تغمرهن".
    *- "ما من الناس من أحمر ولا أسود، حر ولا عبد، عجمي ولا فصيح، أعلم أنه أفضل مني بتقوى، إلا أحببت أن أكون في مسلاخه".
    *- "مثل قلب المؤمن ، مثل العصفور، يتقلب كل يوم كذا وكذا مرة" "وددت أني كبش فذبحني أهلي، فأكلوا لحمي، وحسوا مرقي".

    وصاياه

    يا أيّها النّاس توبوا إلى الله من ذنوبكم توبةً نصوحا، فإنّ عبداً لا يلقى الله تائباً من ذنبه إلّا كان حقّاً على الله أن يغفر له، من كان عليه دين فليقضه، فإنّ العبد مرتهن بدينه، ومن أصبح منكم مهاجراً أخاه فليصالحه، ولا ينبغي لمسلم أن يهجر أخاه أكثر من ثلاث، إنّكم أيّها المسلمون قد فجعتم برجلٍ ما أزعم أنّي رأيت عبدا أبرّ صدراً و لا أبعد غائلة، ولا أشدّ حبّاً للعامّة، ولا أنصح للعامّة منه فترحّموا عليه رحمه الله، واحضروا الصلاة عليه. " تاريخ مدينة دمشق ".

    وفاته رضي الله عنه

    عندما داهم الطاعون بلاد الشام صار يحصد الناس حصداً فوجه عمر بن الخطاب رسولاً الى أبي عبيدة يقول فيها : إني بدت لي إليك حاجة لا غنى لي عنك فيها فإن اتاك كتابي ليلاً إني أعزم عليك ألا تصبح حتى تركب إلي و إن أتاك نهاراً فإني أعزم عليك ألا يمسي حتى تركب إلي
    فلما أخذ أبو عبيدة الكتاب قال : قد علمت حاجة أمير المؤمنين إلي فهو يريد أي يستبقي ما ليس بباق
    ثم كتب اليه يقول : يا أمير المؤمنين أني قد عرفت حاجتك إلي و إني في جند من المسلمين و لا أجد بنفسي رغبة عن الذي يصيبهم و لا أريد فراقهم حتى يقضي الله في و فيهم أمراً...فإذا أتاك كتابي هذا فحلني من عزمك و ائذن لي بالبقاء
    فلما قرأ عمر الكتاب بكى حتى فاضت عيناه فقال له من عنده لشدة ما رأوه من بكائه : أمات أبو عبيدة يا أمير المؤمنين قال : لا ولكن الموت منه قريب.
    ولم يكذب ظن الفاروق فقد أصاب الطاعون أبي عبيدة و مات رحمه الله وقد كانت وفاته رضي الله عنه سنة ثماني عشرة من الهجرة النبوية و عمره ثمان و خمسون سنة.
    وذات يوم، وأمير المؤمنين عمر الفاروق يعالج في المدينة شؤون عالمه المسلم الواسع، جاءه الناعي، أن قد مات أبو.

    قبره وضريحه

    يوجد حاليّاً "مزار أبي عبيدة" في "غور البلاونة" على الطريق العام الذي يقطع غور الأردن من الشمال إلى الجنوب، وعلى بعد أربعين كيلاً من مدينة السلط. وكان الظاهر بيبرس قد بنى على قبر أبي عبيدة مَشهداً، وأوقف عليه وقفاً ريعه للمؤذّن والإمام.
    هناك اتفاق وتواتر بوفاة أبي عبيدة في الشام بسبب الطاعون، وهناك تواتر بأنه توفي بالغور الأردني، ولكن لم يوجد اتفاق على بقعة محددة من الغور، ولكنّهم ذكروا أماكن متقاربة تساعد على حصر المكان في بقعة صغيرة تجعل زائر قبر أبي عبيدة مطمئناً أنه يقف أمام قبر حقيقي، إذ قال ابن سعد إنه قُبر بعمواس، ونقل ابن عساكر عن عطاء أن قبر أبي عبيدة في بيسان، وبيسان تقع غربي نهر الأردن في الغور، في الجهة المقابلة من مزار أبي عبيدة، ويؤوَّل قوله "في بيسان" أنه في كورة بيسان أو صقع بيسان، وليس بالضرورة أن يكون في بقعة بلدة بيسان، لأن القدماء كانوا ينسبون الأمكنة إلى أشهر مكان قريب، وبيسان هي أشهر الأماكن في تلك الناحية. ونقل الذهبي «أنه أدركه أجله بفِحْل فتوفي بها بقرب بيسان»، وفحل على الضفة الشرقية من النهر أمام بيسان، ولذلك يقال للمعركة المشهورة "فحل بيسان".
    وقال ياقوت الحموي: عمتا: «قرية بالأردن، بها قبر أبي عبيدة بن الجراح، وهي وسط الغور». وهو ليس في بقعة عمتا، وإنما يقع إلى الجنوب منها، ولكن عرَّفه بأقرب القرى. وقال ياقوت: «قيل إنه في طبرية، وطبرية من الغور الأردني».
    وقال ابن بطوطة المتوفى عام 756 هـ: «فمررتُ بالغور، وهو وادٍ بين تلال به قبر أبي عبيدة بن الجراح أمين هذه الأرض رضي الله عنه، زرناه وعليه زاوية فيها الطعام لأبناء السبيل وبتنا هنالك ليلة. ثم وصلنا إلى القصير وبه قبر معاذ بن جبل رضي الله عنه، وتبركتُ أيضاً بزيارته».
  • أنيس
    VIP
    • Sep 2018 
    • 1283 
    • 585 
    • 1,001 

    #2
    بالغ التقدير يا أخ مصطفى على هذا الموضوع القيِّم !!!!!.
    ننتظر من يدك الكريمة مزيدا من الدرر من أمال هذه الدرَّة .

    Comment
    • aelshemy
      Free Membership
      • Oct 2018 
      • 646 
      • 429 
      • 1,032 

      #3
      لك كل التقدير والثناء لقد ذكرتنا بعظماء هذة الأمه رحمهم الله بارك الله فيك وجزاك خيرا وشكرا لك
      Comment
      • aldswqi75
        Free Membership
        • Oct 2018 
        • 525 
        • 395 
        • 237 

        #4

        بسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله
        مشكور ومأجور يا أخي الكريم على هذا الموضوع المتميز والجهد الكبير المبذول
        بارك الله فيك وجزاك الله خيراً وجعله الله فى ميزان حسناتك
        أفادنا الله بعلمك وعملك
        Comment
        • Abu.Hamoud
          VIP
          • Dec 2018 
          • 3004 
          • 1,566 
          • 1,250 

          #5
          جعله الله في ميزان حسناتك
          لك كل التحايا
          Comment
          • محمد مصطفى محمود
            Thread Author
            Free Membership
            • Nov 2018 
            • 662 
            • 304 

            #6
            Originally posted by أنيس View Post
            بالغ التقدير يا أخ مصطفى على هذا الموضوع القيِّم !!!!!.
            ننتظر من يدك الكريمة مزيدا من الدرر من أمال هذه الدرَّة .

            اهلا بك شكرا لك على المرور العطر
            Comment
            • محمد مصطفى محمود
              Thread Author
              Free Membership
              • Nov 2018 
              • 662 
              • 304 

              #7
              Originally posted by aelshemy View Post
              لك كل التقدير والثناء لقد ذكرتنا بعظماء هذة الأمه رحمهم الله بارك الله فيك وجزاك خيرا وشكرا لك
              بارك الله فيك
              Comment
              • محمد مصطفى محمود
                Thread Author
                Free Membership
                • Nov 2018 
                • 662 
                • 304 

                #8
                Originally posted by faristorrent
                جزاك الله كل خير
                بارك الله فيك
                Comment
                • محمد مصطفى محمود
                  Thread Author
                  Free Membership
                  • Nov 2018 
                  • 662 
                  • 304 

                  #9
                  Originally posted by aldswqi75 View Post

                  بسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله
                  مشكور ومأجور يا أخي الكريم على هذا الموضوع المتميز والجهد الكبير المبذول
                  بارك الله فيك وجزاك الله خيراً وجعله الله فى ميزان حسناتك
                  أفادنا الله بعلمك وعملك
                  شكرا لك
                  Comment
                  • محمد مصطفى محمود
                    Thread Author
                    Free Membership
                    • Nov 2018 
                    • 662 
                    • 304 

                    #10
                    Originally posted by radihmod View Post
                    جعله الله في ميزان حسناتك
                    لك كل التحايا
                    شكرا لك
                    Comment
                    Working...
                    X